الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ؛ أي : ليس العهد إلا لهؤلاء الذين لم ينكثوا؛ فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ؛ أي : ما أقاموا على الوفاء بعهدهم؛ وموضع " الذين " : نصب بالاستثناء. [ ص: 433 ] وقوله : كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة ؛ وحذف مع " كيف " ؛ جملة " يكون لهم عهد " ؛ لأنه قد ذكر قبل ذلك؛ قال الشاعر - يرثي أخا له مات - :


                                                                                                                                                                                                                                        وخبرتماني أنما الموت بالقرى ... فكيف وهاتا هضبة وقليب



                                                                                                                                                                                                                                        أي : فكيف مات وليس بقرية؛ ومثله قول الحطيئة :


                                                                                                                                                                                                                                        وكيف ولم أعلمهم خذلوكم ...     على معظم ولا أديمكم قدوا



                                                                                                                                                                                                                                        أي : فكيف تلومونني على مدح قوم؛ وتذمونهم؛ واستغنى عن ذكر " ذلك " ؛ مع ذكر " كيف " ؛ لأنه قد جرى في القصيدة ما يدل على ما أضمر؛ قال أبو عبيدة : " الإل " : العهد؛ و " الذمة " : ما يتذمم منه؛ وقال غيره : " الذمة " : العهد؛ وقيل في " الإل " ؛ غير قول؛ قيل : " الإل " : القرابة؛ وقيل : " الإل " : الحلف؛ وقيل : " الإل " : العهد؛ وقيل : " الإل " : اسم من أسماء الله؛ وهذا عندنا ليس بالوجه؛ لأن أسماء الله - جل وعز - معروفة معلومة؛ كما سمعت في القرآن؛ وتليت في الأخبار؛ قال الله - جل وعز - : ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ؛ فالداعي يقول : " يا الله؛ يا رحمن؛ يا رب؛ يا مؤمن؛ يا مهيمن " ؛ [ ص: 434 ] ولم يسمع " يا إل " ؛ في الدعاء؛ وحقيقة " الإل " ؛ عندي على ما توحيه اللغة : تحديد الشيء؛ فمن ذلك : " الإلة " : الحربة؛ لأنها محددة؛ ومن ذلك : " أذن مؤللة " ؛ إذا كانت محددة؛ و " الأل " ؛ يخرج في جميع ما فسر من العهد؛ والجوار؛ على هذا؛ وكذلك القرابة؛ فإذا قلت في العهد : " بينهما إل " ؛ فمعناه جوار يحاد الإنسان؛ وإذا قلته في القرابة فتأويله القرابة الدانية التي تحاد الإنسان.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية