الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 126 ] 95 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام : لا عتاق ولا طلاق في إغلاق

655 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي أبو يعقوب ، حدثنا الوليد بن شجاع أبو همام ، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن ثور بن يزيد ، عن محمد بن عبيد قال : بعثني عدي بن عدي الكندي إلى صفية بنت شيبة أسألها عن أشياء كانت ترويها عن عائشة فقالت : حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا عتاق ولا طلاق في إغلاق .

[ ص: 127 ] وذكر البخاري هذا الحديث ، عن أحمد بن حنبل ، عن سعد بن [ ص: 128 ] إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق ، عن ثور بن يزيد الكلاعي ، عن محمد بن عبيد بن أبي صالح المكي ، ثم ذكر بقية الحديث .

أردنا بذلك الزيادة في هذا الحديث في نسب محمد بن عبيد وأنه ابن أبي صالح وأنه من أهل مكة ، وإن كنا لم نسمع له ذكرا في غير هذا الحديث .

ثم تأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به ما هو ؟ فكان أحسن ما حضرنا فيه ، والله أعلم ، أن الإغلاق هو الإطباق على الشيء ، فاحتمل بذلك عندنا أن يكون في هذا الحديث أريد به الإجبار الذي يغلق على المعتق وعلى المطلق حتى يكون منه العتاق والطلاق على غير اختيار منه لهما ، ولا يكون في العتاق مثابا كما يثاب سائر المعتقين الذين يريدون بعتاقهم الله على عتاقهم ، ولا كالمطلقين الذين تلحقهم الذنوب في طلاقهم الذين يضعونه في غير موضعه والذين يوقعون من عدده أكثر مما أبيح لهم أن يوقعوه منه ، وموضعه الذي أمروا أن يضعوه فيه هو الطهر قبل المسيس والعدد الذي أمروا به هو الواحدة لا ما فوقها .

فقال قائل : فإلى قول من ذهبتم في إلزام طلاق المكره وإلى أي حديث قصدتم ؟

فكان جوابنا له في ذلك : أن ذهبنا إلى حديث هو أحسن في [ ص: 129 ] الإسناد من هذا الحديث وأعرف رجالا وأكشف معنى .

656 - وهو ما حدثنا فهد ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن الوليد بن عبد الله بن جميع ، حدثنا أبو الطفيل ، حدثنا حذيفة بن اليمان قال : ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي فأخذنا كفار قريش فقالوا : إنكم تريدون محمدا ، فقلنا : ما نريد إلا المدينة فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال : انصرفا ، نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم .

657 - وما حدثنا أحمد بن داود ، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، حدثنا يونس بن بكير ، عن الوليد ، عن أبي الطفيل ، [ ص: 130 ] عن حذيفة قال : خرجت أنا وأبي حسيل ونحن نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكره نحوه .

فكان في هذا الحديث ما قد دل على أن اليمين على الإكراه تلزم كما تلزم على الطواعية .

التالي السابق


الخدمات العلمية