الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 192 ] 961 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يقول عند وداعه من كان يودعه .

5940 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرني أنس بن عياض الليثي ، عن عبد العزيز بن عمر ، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير ، عن قزعة قال :

كنت عند عبد الله بن عمر ، فأردت الانصراف ، فقال : كما أنت حتى أودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وأخذ بيدي فصافحني ، ثم قال : أستودع الله دينك ، وأمانتك ، وخواتم عملك . [ ص: 193 ] [ ص: 194 ] [ ص: 195 ]

5941 - وحدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، والليث بن سعد ، عن الحسن بن ثوبان : أنه سمع موسى بن وردان يقول :

أتيت أبا هريرة أودعه لسفر أردته ، فقال أبو هريرة : ألا أعلمك يا ابن أخي شيئا علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوله عند الوداع ؟ فقلت : بلى . قال : قل أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه .

[ ص: 196 ] قال أبو جعفر : فالذي في هذا الحديث مقصر عما في الحديث الأول ، ومن حفظ شيئا كان أولى ممن قصر عنه .

5942 - وحدثنا علي بن عبد الرحمن ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي جعفر الخطمي ، عن محمد بن كعب ، عن عبد الله بن يزيد الخطمي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شيع جيشا بلغ ثنية الوداع ، وقال : أستودع الله دينكم ، وأمانتكم ، وخواتم أعمالكم .

قال أبو جعفر : فتأملنا ما في حديثي ابن عمر ، وعبد الله بن زيد من استيداع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانة من كان ودعه مع استيداعه إياه دينه .

فكان ذلك عندنا - والله أعلم - على أن الأمانة موضعها من الناس كموضع الإيمان الذي هو الدين منهم .

كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد ذكرناه فيما تقدم منا في [ ص: 197 ] كتابنا هذا من قوله : لا إيمان لمن لا أمانة له .

فكان الإيمان الذي هو وجود الدين إنما يكون عند الأمانة ، وينتفي عند عدمها ، فعقلنا بذلك أنها جعلت كهو وأنها مضمنة به ، وأنه مضمن بها ، فاستودعه كما استودع الله جل جلاله دينه ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية