الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 198 ] 962 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في " مرحبا وأهلا " ما المراد بهما ؟

قال أبو جعفر رحمه الله : قد ذكرنا فيما تقدم منا في كتابنا هذا حديث مسروق ، عن عائشة - رضي الله عنها - في مجيء فاطمة - رضي الله عنها - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه ، وقوله لها : مرحبا بابنتي .

5943 - حدثنا محمد بن سليمان الباغندي ، حدثنا الحماني ، حدثنا أبو معاوية ، عن الحجاج ، عن ابن أبي جحيفة .

عن أبيه أن نفرا من بني عامر أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : مرحبا .

[ ص: 199 ]

5944 - وحدثنا الباغندي ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا عبد الرحمن بن حميد ، حدثنا عبد الكريم بن سليط ، عن ابن بريدة ، عن أبيه أن عليا - رضي الله عنه - لقي النبي - عليه السلام - ، فقال له : مرحبا وأهلا .

5945 - وحدثنا الباغندي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن مسروق .

عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة : مرحبا .

[ ص: 200 ]

5946 - وحدثنا الباغندي ، حدثنا الحماني ، حدثنا أبو الأحوص ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار : مرحبا .

قال أبو جعفر : فسأل سائل عن معنى هاتين الكلمتين يريد " مرحبا وأهلا" ما هو ؟

فكان جوابنا له في ذلك : أن الرحب من الأماكن هو الواسع منها ، ومنه قول الله تعالى حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت .

وأما الأهل ، فالمراد به : إذا نزلت منزلة الرجل في أهله الذي يكون [ ص: 201 ] في نزوله عندهم راحته .

ومن ذلك ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما خاطب به عليا لما جاءه خاطبا لفاطمة إليه .

5947 - كما حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا عبد الرحمن بن حميد ، أخبرنا عبد الكريم بن سليط قال أبو غسان : سألت عنه فقالوا : بصري من أهل خراسان ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال نفر من الأنصار لعلي - رضي الله عنه - : عندك فاطمة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه ، فقال : ما حاجة ابن أبي طالب ؟ قال : يا رسول الله ، فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مرحبا وأهلا ، لم يزده عليها . فخرج علي على أولئك الرهط من الأنصار وهم ينتظرونه ، فقالوا : ما وراءك ؟ قال : ما أدري ، ولكنه قال لي : مرحبا وأهلا . قالوا : يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما ؛ أعطاك الأهل ، وأعطاك المرحب ، فلما كان بعد ذلك بعدما زوجه قال : يا علي ، إنه لا بد للعرس من الوليمة ، فقال سعد : عندي كبش ، وجمع له رهط من الأنصار آصعا من ذرة ، فلما كان ليلة البناء ، قال : لا تحدث شيئا حتى تلقاني ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء ، فتوضأ منه ، ثم إنه أفرغه على علي ، فقال : اللهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك في نسلهما .

[ ص: 202 ] قال أبو غسان : النسل من النساء .

وما في هذا الحديث مما خاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بقوله له : مرحبا وأهلا ، وما حملته الأنصار عليه مما قاله لعلي دليل على ما قلنا مما تأولنا هاتين الكلمتين عليه ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية