الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن تزوج امرأة فأدخل عليه غيرها

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في أخوين تزوجا أختين، فأدخل على كل واحد زوجة الآخر: فلترد كل واحدة إلى زوجها، ولا يصيبها حتى يستبرئها بثلاث حيض، ولها صداقها على من أصابها.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن تزوج امرأة فأهدي إليه غيرها، فإن قالت: ظننت أنكم زوجتموني منه، كان لها صداقها، ويرجع به الزوج على من غره.

                                                                                                                                                                                        ويختلف في صداق الأختين على من أصابهما: لأن كل واحدة أخطأت على نفسها، وسلمت لغير من اشترى منها.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف قول مالك في هذا الأصل؛ فقال مالك فيمن اشترى ثوبا، فأخطأ البائع فأعطاه غيره فقطعه: فلا شيء عليه في القطع.

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب محمد: يضمن.

                                                                                                                                                                                        فعلى قوله: ألا شيء على القاطع- لا يكون على الواطئ شيء، ويكون لكل واحدة على الأول صداقها كاملا إن كانت ثيبا. وإن كانت بكرا فالقياس أن يحط عن الأول ما زاد لمكان البكارة؛ لأنها أخطأت فيما باعته من الأول بثمن، فأهلكته بتسليمها إياه لغيره. [ ص: 2005 ]

                                                                                                                                                                                        وكذلك على القول أن لها على الثاني صداقها، فهو أبين أن يحط عن الأول ما زاد لمكان البكارة؛ لأنها باعت شيئا فأخذت ثمنه من غير المشتري، بخلاف من تزوج بكرا فأصابها ثيبا؛ لأن الثيوبة تكون عنده من القفزة وغيرها. وإن كان القياس في هذه أيضا أن يحط ما زاد عوضا لمكان البكارة؛ لأن للزوج غرضا في وجود البكارة قائمة، ولأنه لا تطيب نفسه أن ذلك من قفزة أو غيرها، إلا أن الذي يحط لهذه التي لا يعلم أنه باشرها رجل أقل مما يحط للأولى التي علم أنها افتضها غيره.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن أدخلت عليه غير امرأته فأنكر المسيس وادعته: فالقول قولها. يريد: إذا ادعى العلم بعد الخلوة البينة وهي ثيب، فإن قال: علمت بالفور، فأمسكت، وأتى بدعواه العلم بشبهة قبل قوله. ولا أرى أن تصدق التي قالت: ظننت أنكم زوجتموني منه، بخلاف الأختين؛ لأن التزويج مقدمة من الاستئذان، والشهادة على وجهها، إلا أن يأتي بشبهة...

                                                                                                                                                                                        وقال أبو الحسن بن القصار فيمن وجد امرأة على فراشه فأصابها وقال: ظننتها زوجتي، فلا حد عليه. [ ص: 2006 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية