الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 225 ] 965 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : الطواف بالبيت صلاة ، إلا أن الله تعالى أحل فيه المنطق ، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير .

5972 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، حدثنا أسد بن موسى .

5973 - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، حدثنا سعيد بن منصور ، ثم اجتمعا جميعا ، فقال كل واحد منهما في حديثه : حدثنا الفضيل بن عياض ، عن عطاء بن السائب ، عن طاووس .

عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الطواف بالبيت صلاة ، إلا أن الله تعالى أحل لكم المنطق ، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير .

[ ص: 226 ] [ ص: 227 ] [ ص: 228 ] قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث إذ كنا لم نجده بهذا الإسناد إلا من هذه الجهة التي ذكرنا .

فوجدنا راويه الفضيل بن عياض ، ومن سواه من الرواة عن عطاء بن السائب غير الثوري ، والحمادين : حماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، ويزيد بن زريع مما يضعفه أهل الإسناد ; لأن سماعهم منه كان بعد الاختلاط ، وكان سماع الأربعة الذين ذكرنا فيه قبل ذلك .

[ ص: 229 ]

5974 - فوجدنا يونس قد حدثنا قال : حدثنا ابن وهب ، أخبرني ابن جريج ، عن الحسن بن مسلم ، عن طاووس .

عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إنما الطواف صلاة ، فإذا طفتم فأقلوا الكلام .

5975 - وحدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا نعيم ، عن ابن المبارك ، عن ابن جريج ، ثم ذكر مثله بإسناده .

فوقفنا بذلك على أن هذا هو أصل هذا الحديث ، عن رجل أدرك النبي - عليه السلام - ، لا عن ابن عباس ، وقد يكون ذلك الرجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ، ولما كان ذلك كذلك لم يقم بهذا الحديث حجة على مذهب أصحاب الإسناد .

[ ص: 230 ] والذي يراد بهذا الحديث معنى من الفقه يختلف أهله فيه .

فتقول طائفة منهم : من طاف بالبيت الطواف الواجب جنبا ، فعليه أن يعيده ، فإن لم يفعل حتى رجع إلى أهله ولم يعده كان عليه دم ، ويجزئه ذلك الطواف ، وممن قال ذلك منهم : أبو حنيفة ، وأصحابه رحمهم الله .

وقال غيرهم من أهل العلم من أهل الحجاز وممن سواهم : لا يجزئه ذلك الطواف ، وهو عندهم كمن لم يطف ، وكان الأولى بنا لما اختلفوا في ذلك هذا الاختلاف ، ولم نجد فيه شيئا من كتاب الله تعالى ، ولا من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن نرجع في ذلك إلى ما يوجبه القياس فيه .

فكان الأصل المتفق عليه أن الإهلال بالحج وبالعمرة قد أمر الناس أن لا يفعلوا ذلك إلا وهم طاهرون ، كما أمروا أن لا يطوفوا بالبيت إلا وهم كذلك ، وكان من أحرم بالحج وهو غير طاهر إما بالجنابة به ، أو لأنه على غير وضوء أنه مسيء فيما يفعله من ذلك ، وأن إساءته ذلك لا تمنعه من أن يكون إحرامه به فيها إحراما قد دخل به في الذي أحرم به ، فلما كان ذلك كذلك في الإحرام كان في الطواف أيضا كذلك ، وكان من طاف بالبيت على ما ذكرنا ، مما استحق به الإساءة مذموما على ما فعل ، ولا يمنعه ذمه ذلك أن يكون بطوافه ذلك طائفا طوافا يجزئه ، وكذلك وجدناهم لا يختلفون فيمن وقف بعرفة ، أو بات بمزدلفة وهو جنب ، أو على غير وضوء أن ذلك يجزئه مع الإساءة التي قد لزمته في فعله ما فعل على خلاف ما أمره الله تعالى به أن يفعله عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية