الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 231 ] 966 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوابه الذي سأله : متى كنت نبيا ؟ بقوله له : وآدم بين الروح والجسد .

5976 - حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثني عبيد الله بن محمد التيمي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق .

عن ابن أبي الجدعاء قال : قلت : يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال : وآدم بين الروح والجسد .

5977 - وحدثنا فهد ، حدثنا محمد بن سنان العوقي ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن بديل بن ميسرة ، عن عبد الله بن شقيق .

[ ص: 232 ] عن ميسرة الفجر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم متى كنت نبيا؟ قال : كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد .

[ ص: 233 ] فقال قائل : وكيف تقبلون مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أفصح العرب ، وفيه ما ينكره أهل اللغة جميعا ; لأن بين عندهم لا تكون إلا لاثنين ، ولا يكون لواحد ؟

فكان جوابنا له في ذلك : أن الأمر كما ذكر ، ولكن الواحد إذا وصف بوصفين دخل بذلك في معنى الاثنين ، وجاز أن يستعمل فيه ما في الاثنين ، ومن ذلك قول الله عز وجل : واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه . والمرء وقلبه واحد ، ولكن لما وصف [ ص: 234 ] بغير ما وصف به قلبه صار في معنى الاثنين ، فكذلك آدم لما كان في البدء جسما لا روح فيه ، ثم أعاده الله جسدا ذا روح كان موصوفا بوجهين مختلفين ، وجاز بذلك إدخال بين في وصفه كما جاء الحديث الذي ذكرناه في ذلك .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ، فإنه وإن كان حينئذ نبيا ، فقد كان الله تعالى كتبه في اللوح المحفوظ نبيا ، ثم أعاد اكتتابه إياه في الوقت المذكور في هذا الحديث ، كما قال : عز وجل : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون . وكان عز وجل قد كتب ذلك في اللوح المحفوظ ، ثم أعاد اكتتابه في الزبور المحزبة بعد ذلك ، فمثل ذلك اكتتابه عز وجل النبي - عليه السلام - ، وآدم بين الروح والجسد بعد اكتتابه إياه قبل ذلك في اللوح المحفوظ أنه كذلك ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية