الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولما وقع عليهم الرجز أي: نزل بهم العذاب . وفي هذا العذاب قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه طاعون أهلك منهم سبعين ألفا ، قاله ابن عباس: وسعيد بن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه العذاب الذي سلطه الله عليهم من الجراد والقمل وغير ذلك ، قاله ابن زيد . قال الزجاج : "الرجز" العذاب . أو العمل الذي يؤدي إلى العذاب . ومعنى الرجز في العذاب: أنه المقلقل لشدته قلقلة شديدة متتابعة . وأصل الرجز في اللغة: تتابع الحركات ، فمن ذلك قولهم: ناقة رجزاء ، إذا كانت [ ص: 252 ] ترتعد قوائمها عند قيامها . ومنه رجز الشعر ، لأنه أقصر أبيات الشعر ، والانتقال من بيت إلى بيت ، سريع ، نحو قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع



                                                                                                                                                                                                                                      وزعم الخليل أن الرجز ليس بشعر ، وإنما هو أنصاف أبيات وأثلاث .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: بما عهد عندك فيه أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أن معناه: بما أوصاك أن تدعوه به . والثاني: بما تقدم به إليك أن تدعوه فيجيبك . والثالث: بما عهد عندك في كشف العذاب عمن آمن . والرابع: أن ذلك منهم على معنى القسم ، كأنهم أقسموا عليه بما عهد عنده أن يدعو لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إلى أجل هم بالغوه أي: إلى وقت غرقهم . إذا هم ينكثون أي: ينقضون العهد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فانتقمنا منهم قال أبو سليمان الدمشقي: انتصرنا منهم بإحلال نقمتنا بهم ، وتلك النقمة تغريقنا إياهم في اليم . قال ابن قتيبة: اليم: البحر بالسريانية .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وكانوا عنها غافلين فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: عن الآيات ، وغفلتهم: تركهم الاعتبار بها . والثاني: عن النقمة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية