الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون

                                                                                                                                                                                                يا صاحبي السجن : يريد: يا صاحبي في السجن، فأضافهما إلى السجن كما تقول: يا سارق الليلة، فكما أن الليلة مسروق فيها غير مسروقة، فكذلك السجن مصحوب فيه غير مصحوب، وإنما المصحوب غيره وهو يوسف -عليه السلام- ونحوه قولك لصاحبيك: يا صاحبي الصدق، فتضيفهما إلى الصدق، ولا تريد أنهما صحبا الصدق، ولكن كما :تقول رجلا صدق، وسميتهما صاحبين; لأنهما صحباك، ويجوز أن يريد: يا ساكني السجن، كقوله: أصحاب النار وأصحاب الجنة [الحشر: 20]، أأرباب متفرقون : يريد: التفرق في العدد والتكاثر، يقول أأن تكون لكما أرباب شتى، يستعبدكما هذا ويستعبدكما هذا، خير : لكما، أم : أن يكون لكما رب واحد قهار لا يغالب ولا يشارك في الربوبية، بل هو: القهار : الغالب، وهذا مثل ضربه لعبادة الله وحده ولعبادة الأصنام، ما تعبدون : خطاب لهما، ولمن على دينهما من أهل مصر، إلا أسماء : يعني: أنكم سميتم ما لا يستحق الإلهية آلهة، ثم طفقتم تعبدونها، فكأنكم لا تعبدون إلا أسماء فارغة لا مسميات تحتها، ومعنى: سميتموها : سميتم بها، يقال: سميته بزيد، وسميته زيدا، ما أنزل الله بها : أي: بتسميتها، من سلطان : من حجة، إن الحكم : في أمر العبادة والدين، إلا لله : ثم بين ما حكم به فقال: أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم [ ص: 286 ] الثابت الذي دلت عليه البراهين.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية