الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم والبيهقي في [ ص: 119 ] الدلائل كلهم من طريقه قال : حدثني الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة ، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو قالوا : لما أصيبت قريش يوم بدر أبو سفيان بعيره مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية في رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم فكلموا أبا سفيان ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه فلعلنا أن ندرك منه ثأرا، ففعلوا، ففيهم كما ذكر عن ابن عباس أنزل الله : إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله إلى قوله : والذين كفروا إلى جهنم يحشرون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله قال : نزلت في أبي سفيان بن حرب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : إن الذين كفروا ينفقون أموالهم إلى قوله : أولئك هم الخاسرون [ ص: 120 ] قال : في نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أحد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، وابن عساكر عن سعيد بن جبير في قوله : إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله الآية، قال : نزلت في أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش من بني كنانة يقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى من استجاش من العرب، فأنزل الله فيه هذه الآية وهم الذين قال فيهم كعب بن مالك :

                                                                                                                                                                                                                                      وجئنا إلى موج من البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع     ثلاثة آلاف ونحن نصية
                                                                                                                                                                                                                                      ثلاث مئين إن كثرن فأربع

                                                                                                                                                                                                                                      .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحكم بن عتيبة في قوله : إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله قال : نزلت في أبي سفيان أنفق على مشركي قريش يوم أحد أربعين أوقية من ذهب وكانت الأوقية يومئذ اثنين وأربعين مثقالا من ذهب .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 121 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن السدي في قوله

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله وهو محمد صلى الله عليه وسلم : فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة يقول : ندامة يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير في قوله : والذين كفروا إلى جهنم يحشرون يعني النفر الذين مشوا إلى أبي سفيان وإلى من كان له مال من قريش في تلك التجارة فسألوهم أن يقووهم بها على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن شمر بن عطية في قوله : ليميز الله الخبيث من الطيب قال : يميز يوم القيامة ما كان لله من عمل صالح في الدنيا ثم تؤخذ الدنيا بأسرها فتلقى في جهنم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : فيركمه جميعا قال : يجمعه جميعا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية