الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

في ثواب الحسنات والسيئات

والكلام في نوعين : أحدهما في ترجيح جانب الحسنات ، والثاني في مقادير الحسنات ومقادير السيئات .

أما الأول فإن الله سبحانه وتعالى كما أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم أنه قال : «سبقت رحمتي غضبي -وفي رواية : غلبت رحمتي غضبي- وقد كتب ذلك في كتاب ، فهو موضوع عنده فوق العرش » . وأخبر عن نفسه في كتابه أنه قال : كتب على نفسه الرحمة [الأنعام :12] ، كما أخبر عنه رسوله أنه حرم الظلم على نفسه ، وجعله محرما بين عباده .

وقد دل القرآن على ذلك في مثل قوله : نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم [الحجر :49 - 50] ، وفي مثله قوله : اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم [المائدة :98] ، فجعل المغفرة والرحمة داخلة في أسمائه التي وصف بها نفسه ، وأما شدة العقاب وألم العذاب فإنما هو من عوارض مفعولاته ، ولهذا ليس في أسماء الله الحسنى اسم يتضمن صفة الغضب والعذاب ، ولا [ ص: 53 ] في صفاته صفة تقتضي ذلك ، لكن إذا أخبر عن ذلك أتى بالقول العام الشامل له ولغيره ، أو حذف فاعله ، أو أضيف إلى المخلوق . وأما الرحمن والرحيم والغفور والحليم والكريم ونحو ذلك فكثير في أسمائه .

وإنما جاء في القرآن : إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام [آل عمران :4] ، ولم يقل : «منتقم » كما تقوله طائفة ممن تكلم في الأسماء الحسنى ، واستدلوا بحديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم ، فإن المحققين من الحفاظ يعلمون أن ذلك العدد ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو مما أدرجه الوليد بن مسلم في روايته عن شعيب . كما أن ابن ماجه لما روى الحديث أيضا من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة ، ذكر فيه من حديث عبد الرحمن [ ص: 54 ] الأعرج عن أبي هريرة عدد الأسماء على خلاف ذكر الوليد بن مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية