الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) الآية [ 77 ] .

                                                                                                                                                                  216 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا حاجب بن أحمد ، أخبرنا محمد بن حماد ، أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حلف على يمين وهو فيها فاجر ، ليقطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله وهو عليه غضبان . فقال الأشعث بن قيس : في والله [ نزلت ] ، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض ، فجحدني ، فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألك بينة ؟ قلت : لا . فقال لليهودي : أتحلف ؟ فقلت : يا رسول الله : إذن يحلف فيذهب بمالي . فأنزل الله عز وجل : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) الآية . رواه البخاري عن عبدان ، عن أبي حمزة ، عن الأعمش .

                                                                                                                                                                  217 - أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المهرجاني ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن محمد الزاهد ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، حدثني محمد بن سليمان ، حدثنا صالح بن عمر ، عن الأعمش ، عن شقيق قال : قال عبد الله : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقطع بها مالا ، لقي الله وهو عليه غضبان ، فأنزل الله تعالى : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) إلى آخر الآية . فأتى الأشعث بن قيس فقال : ما يحدثكم أبو عبد الرحمن ؟ قلنا : كذا وكذا . قال : لفي نزلت ، خاصمت رجلا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألك بينة ؟ قلت : لا . قال : فيحلف قلت : إذن يحلف قال - عليه السلام - : " من حلف على يمين هو فيها فاجر ، ليقتطع بها مالا ، لقي الله وهو عليه غضبان ، فأنزل الله : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) الآية . رواه البخاري عن حجاج بن منهال ، عن أبي عوانة . ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع ، وعن ابن نمير ، عن أبي معاوية . كلهم عن الأعمش .

                                                                                                                                                                  218 - أخبرنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، [ ص: 59 ] حدثنا سفيان ، عن منصور والأعمش ، عن أبي وائل قال : قال عبد الله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحلف رجل على يمين صبر ، ليقتطع بها مالا فاجرا ، إلا لقي الله وهو عليه غضبان . قال : فأنزل الله تعالى : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) الآية . قال : فجاء الأشعث ، وعبد الله يحدثهم ، في نزلت ، وفي رجل خاصمته في بئر ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ألك بينة ؟ قلت : لا ، قال : فليحلف لك ، قلت : إذا يحلف ، قال : فنزلت : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) الآية .

                                                                                                                                                                  219 - أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المزكي ، أخبرنا محمد بن المكي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا علي بن عبد الله ، سمع هشيما يقول : أخبرنا العوام بن حوشب ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن أبي أوفى : أن رجلا أقام سلعة في السوق ، فحلف : لقد أعطي بها ما لم يعطه ; ليوقع فيها رجلا من المسلمين ، فنزلت : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) إلى آخر الآية .

                                                                                                                                                                  220 - وقال الكلبي : إن ناسا من علماء اليهود أولي فاقة ، أصابتهم سنة ، فاقتحموا إلى كعب بن الأشرف بالمدينة ، فسألهم كعب : هل تعلمون أن هذا الرجل - رسول الله - في كتابكم ؟ قالوا : نعم ، وما تعلمه أنت ؟ قال : لا ، فقالوا : فإنا نشهد أنه عبد الله ورسوله ، قال [ كعب ] : لقد حرمكم الله خيرا كثيرا ، لقد قدمتم علي وأنا أريد أن أبركم وأكسوا عيالكم . فحرمكم الله وحرم عيالكم . قالوا : فإنه شبه لنا ، فرويدا حتى نلقاه . فانطلقوا فكتبوا صفة سوى صفته ، ثم انتهوا إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فكلموه وسألوه ، ثم رجعوا إلى كعب ، وقالوا : لقد كنا نرى أنه رسول الله ، فلما أتيناه إذا هو ليس بالنعت الذي نعت لنا ، ووجدنا نعته مخالفا للذي عندنا . وأخرجوا الذي كتبوا ، فنظر إليه كعب ففرح ومارهم وأنفق عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . 220 م - وقال عكرمة : نزلت في أبي رافع وكنانة بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب ، وغيرهم من رؤساء اليهود ، كتموا ما عهد الله إليهم في التوراة ، من شأن محمد - صلى الله عليه وسلم - وبدلوه وكتبوا بأيديهم غيره ، وحلفوا أنه من عند الله لئلا يفوتهم الرشا والمآكل التي كانت لهم على أتباعهم .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية