الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: للمقات . من حليهم قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر: " من حليهم " بضم الحاء . وقرأ حمزة ، والكسائي: "حليهم" بكسر الحاء . وقرأ يعقوب: بفتحها وسكون اللام وتخفيف الياء . والحلي: جمع حلي ، مثل ثدي وثدي ، وهو اسم لما يتحسن به من الذهب والفضة . قال الزجاج : ومن كسر الحاء من "حليهم" أتبع الحاء كسر اللام . والجسد: هو الذي لا يعقل ولا يميز ، إنما هو بمعنى الجثة فقط . قال ابن الأنباري: ذكر الجسد دلالة على [ ص: 262 ] عدم الروح منه ، وأن شخصه شخص مثال وصورة ، غير منضم إليهما روح ولا نفس . فأما الخوار ، فهو صوت البقرة ، يقال: خارت البقرة تخور ، وجأرت تجأر; وقد نقل عن العرب أنهم يقولون في مثل صوت الإنسان من البهائم رغا البعير وجرجر وهدر وقبقب ، وصهل الفرس وحمحم ، وشهق الحمار ونهق ، وشحج البغل ، وثغت الشاة ويعرت ، وثأجت النعجة ، وبغم الظبي ونزب ، وزأر الأسد ونهت ونأت ، ووعوع الذئب ، ونهم الفيل ، وزقح القرد ، وضبح الثعلب ، وعوى الكلب ونبح ، وماءت السنور ، وصأت الفأرة ، ونغق الغراب معجمة الغين ، وزقأ الديك وسقع ، وصفر النسر ، وهدر الحمام . وهدل ، ونقضت الضفادع ونقت ، وعزفت الجن . قال ابن عباس : كان العجل إذا خار سجدوا ، وإذا سكت رفعوا رؤوسهم . وفي رواية أبي صالح عنه: أنه خار خورة واحدة ولم يتبعها مثلها ، وبهذا قال وهب ، ومقاتل . وكان مجاهد يقول: خواره حفيف الريح فيه; وهذا يدل على أنه لم يكن فيه روح . وقرأ أبو رزين العقيلي ، وأبو مجلز: "له جوار" بجيم مرفوعة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ألم يروا أنه لا يكلمهم أي: لا يستطيع كلامهم . ولا يهديهم سبيلا أي: لا يبين لهم طريقا إلى حجة . "اتخذوه" يعني اتخذوه إلها . وكانوا ظالمين قال ابن عباس : مشركين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية