الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          955 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          وكل من قتل قتيلا من المشركين فله سلبه قال ذلك الإمام ، أو لم يقله كيفما قتله صبرا ، أو في القتال ؟ ولا يخمس السلب قل ، أو كثر ، ولا يصدق إلا ببينة [ ص: 400 ] في الحكم ، فإن لم تكن له بينة ، أو خشي أن ينتزع منه ، أو أن يخمس فله أن يغيبه ، ويخفي أمره .

                                                                                                                                                                                          والسلب : فرس المقتول ، وسرجه ، ولجامه ، وكل ما عليه من لباس ، وحلية ، ومهاميز وكل ما معه من سلاح ، وكل ما معه من مال في نطاقه أو في يده ، أو كيفما كان معه .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن أفلح هو عمر بن كثير بن أفلح - عن أبي محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد انقضاء القتال يوم حنين : من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه } في حديث .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق البخاري نا أبو نعيم نا أبو العميس هو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود - عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال { أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اطلبوه واقتلوه ؟ قال سلمة : فقتلته ، فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه } . ومن طريق أبي داود نا موسى بن إسماعيل نا حماد هو ابن زيد - عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين : من قتل كافرا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم } . فهذه الأحاديث توجب ما قلناه وهي منقولة نقل التواتر كما ترى . روينا من طريق وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس العبدي : أن بشر بن علقمة قتل يوم القادسية عظيما من الفرس مبارزة وأخذ سلبه فأتى به إلى سعد بن أبي وقاص فقومه اثني عشر ألفا ، فنفله إياه سعد .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 401 ] ومن طريق واثلة بن الأسقع أنه ركب وحده حتى أتى باب دمشق فخرجت إليه خيل منها فقتل منهم ثلاثة وأخذ خيلهم فأتى بها خالد بن الوليد وعنده عظيم الروم فابتاع منه سرج أحدها بعشرة آلاف ونفله خالد بن الوليد كل ما أخذ من ذلك ، فهذا واثلة ، وخالد وسعيد بحضرة الصحابة .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن أبي شيبة نا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال : كان السلب لا يخمس وكان أول سلب خمس في الإسلام سلب البراء بن مالك ، وكان قتل مرزبان الزأرة وقطع منطقته وسواريه ، فلما قدمنا المدينة صلى عمر الصبح ، ثم أتانا فقال : السلام عليكم أثم أبو طلحة ؟ فقالوا : نعم ، فخرج إليه فقال عمر : إنا كنا لا نخمس السلب وإن سلب البراء مال وإني خامسه ، فدعا المقومين فقوموا ثلاثين ألفا ، فأخذ منها ستة آلاف .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن جريج سمعت نافعا يقول : لم نزل نسمع منذ قط إذا التقى المسلمون والكفار فقتل مسلم مشركا فله سلبه إلا أن يكون في معمعة القتال فإنه لا يدرى أحد قتل أحدا - فهذا يخبر عما سلف .

                                                                                                                                                                                          فصح أنه فعل أبي بكر ومن بعده وجميع أمرائهم .

                                                                                                                                                                                          وهذا نافع يخبر : أنه لم يزل يسمع ذلك وهو قد أدرك الصحابة ، فصح أنه قول جميعهم بالمدينة ، ولا يجوز أن يظن بعمر تعمد خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصح أنه استطاب نفس البراء .

                                                                                                                                                                                          وهذا صحيح حسن لا ننكره - وهو قول الأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز والليث بن سعد ، والشافعي ، وأحمد ، وأبي ثور ، وأبي عبيد وأبي سليمان ، وجميع أصحاب الحديث ، إلا أن الشافعي ، وأحمد قالا : إن قتله غير ممتنع فلا يكون له سلبه - وهذا خطأ لحديث سلمة بن الأكوع الذي ذكرنا فإنه قتله غير ممتنع ، وفي غير قتال ، وأخذ سلبه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : فإن أخذتم بعموم حديثه عليه السلام في ذلك فأعطوا من قتل مسلما بحق في قود ، أو رجم ، أو محاربة ، أو بغي ، سلبه . قلنا : لولا أن الله تعالى حرم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفي القرآن مال المسلم لفعلنا ما [ ص: 402 ] قلتم ; فخرج سلب المسلم بهذا عن جملة هذا الخبر ، وبقي سلب الكافر على حكم الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق ابن أبي شيبة نا الضحاك بن مخلد هو أبو عاصم النبيل - عن الأوزاعي عن الزهري عن القاسم بن محمد قال : سئل ابن عباس عن السلب ؟ فقال : لا سلب إلا من النفل وفي النفل الخمس . فهذا ابن عباس يمنع أن يكون السلب إلا نفلا ، فقول كقول من ذكرنا ، إلا أنه رأى فيه الخمس - وهو قول إسحاق بن راهويه .

                                                                                                                                                                                          وذهب أبو حنيفة ، وسفيان ، ومالك : إلى أنه لا يكون السلب للقاتل إلا أن يقول الأمير قبل القتال : من قتل قتيلا فله سلبه ، فإذا قال ذلك فهو كما قال ، ولا يخمس . قال أبو محمد : وهذا قول فاسد ; لأنهم أوهموا أنهم اتبعوا الحديث ولم يفعلوا ، بل خالفوه ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك بعد القتال ; فهذا خلاف قولهم صراحا .

                                                                                                                                                                                          وقال بعضهم : لم يقل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يوم حنين .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فكان هذا عجبا

                                                                                                                                                                                          نعم ، فهبك أنه لم يقله عليه السلام قط إلا يومئذ ، أو قاله قبل وبعد ، أترى يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى به مرة ، أو يرونه باطلا حتى يكرر القضاء به ؟ حاشا لله من هذا الضلال ، ولا فرق بين ما قال مرة ، أو ألف ألف مرة ، كله دين ، وكله حق ، وكله حكم الله تعالى ، وكله لا يحل لأحد خلافه .

                                                                                                                                                                                          وموهوا بفعل عمر ، وهم مخالفون له ، لأن عمر قضى بالسلب للقاتل دون أن يقول ذلك قبل القتال ، إلا أنه خمسه ولم يمانعه البراء ، فصح أنه طابت به نفسه ، وهذا حسن لا ننكره .

                                                                                                                                                                                          وشغبوا أيضا بأشياء نذكرها إن شاء الله تعالى ; فموه بعض المخالفين في نصر تقليدهم بقول الله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } . قال أبو محمد : وهذا عليهم لا لهم ; لأن الذي أمرنا بهذا هو الذي أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن السلب للقاتل ، ثم يقال لهم : فأبطلوا بهذا الدليل قولكم : إن الإمام [ ص: 403 ] إذا قال : السلب للقاتل كان له . فقد جعلتم قول إمام لعله لا تجب طاعته حجة على الآية ، ولم تجعلوا قول الإمام الذي لا إمامة لأحد إلا بطاعته بيانا للآية ، وهذا عجب جدا ثم أعجب شيء أنهم لا يحتجون بهذه الآية على أنفسهم في قولهم : إن الأرض المغنومة لا خمس فيها ، وهذا موضع الاحتجاج بالآية حقا

                                                                                                                                                                                          وذكروا خبرا رويناه من طريق عوف بن مالك الأشجعي في { أن رجلا قتل فارسا من الروم يوم مؤتة وأخذ سلاحه وفرسه ؟ فبعث إليه خالد بن الوليد فأخذ من السلب قال عوف : فأتيت خالدا فقلت له : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ؟ قال : بلى ، ولكني استكثرته ، قلت : لتردنه أو لأعرفنكه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يرد عليه ، قال عوف : فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا خالد ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : يا رسول الله استكثرته ؟ فقال عليه السلام : يا خالد رد عليه ما أخذت منه ، قال عوف : فقلت له : دونك يا خالد ، ألم أف لك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما ذلك ؟ قال : فأخبرته فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا خالد لا ترد عليه ، هل أنتم تاركون لي أمرائي ؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : لا حجة لهم في هذا ، بل هو حجة عليهم لوجوه .

                                                                                                                                                                                          أولها : أن فيه نصا جليا أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل - وهذا قولنا .

                                                                                                                                                                                          وثانيها : أنه عليه السلام أمر خالدا بالرد عليه .

                                                                                                                                                                                          وثالثها : أن في نصه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بأن لا يرد عليه ، لأنه علم أن القاتل صاحب السلب أعطاه بطيب نفس ولم يطلب خالدا به ، وأن عوفا يتكلم فيما لا حق له فيه وهذا هو نص الخبر .

                                                                                                                                                                                          ورابعها : أنه لو كان كما يوهمون لما كان لهم فيه حجة ، لأن يوم حنين الذي قال فيه عليه السلام : { من قتل كافرا فله سلبه } كان بعد يوم مؤتة ، بلا خلاف ، ويوم حنين [ ص: 404 ] كان بعد فتح مكة ، وقد كان قتل جعفر ، وزيد بن حارثة ، وابن رواحة رضي الله عنهم قبل فتح مكة يوم مؤتة ، فيوم حنين حكمه ناسخ لما تقدم لو كان خلافه .

                                                                                                                                                                                          وموهوا أيضا بخبر قتل أبي جهل يوم بدر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح وهو أحد قاتليه ، والثاني : معاذ ابن عفراء ، وأن ابن مسعود قتله أيضا فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : ولا حجة لهم في هذا كله ، وأين يوم بدر من يوم حنين وبينهما أعوام ؟ وما نزل حكم الغنائم إلا بعد يوم بدر فكيف يكون السلب للقاتل ؟

                                                                                                                                                                                          وموهوا بخبر ساقط رويناه من طريق حماد بن سلمة عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق { عن رجل من بلقين ، قلت : يا رسول الله هل أحد أحق بشيء من المغنم من أحد ؟ قال : لا ، حتى السهم يأخذه أحدكم من جنبه فليس أحق من أخيه به } . قال أبو محمد : هذا عن رجل مجهول لا يدرى أصدق في ادعائه الصحبة أم لا ؟ ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة لأن الخمس من جملة الغنيمة يستحقه دون أهل الغنيمة من لم يشهد الغنيمة بلا خلاف ، فالسلب مضموم إلى ذلك بالنص .

                                                                                                                                                                                          ثم يقال لهم : هلا احتججتم بهذا الخبر على أنفسكم في قولكم : إن القاتل أحق بالسلب من غيره إذا قال الإمام : من قتل قتيلا فله سلبه ؟ فكان هذا الخبر عندكم مخصوصا بقول من لا وزن له عند الله تعالى ولم تخصوه بقول من لا إيمان لكم إن لم تسلموا لأمره وقضائه ، تبا لهذه العقول المكيدة .

                                                                                                                                                                                          وموهوا بما روي من طريق عمرو بن واقد عن موسى بن يسار عن مكحول عن جنادة بن أبي أمية { أن حبيب بن مسلمة قتل قتيلا فأراد أبو عبيدة أن يخمس سلبه ، فقال له حبيب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ، فقال له معاذ : مهلا يا حبيب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما للمرء ما طابت به نفس إمامه } . [ ص: 405 ]

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا خبر سوء مكذوب بلا شك ، لأنه من رواية عمرو بن واقد ، وهو منكر الحديث قاله البخاري وغيره : عن موسى بن يسار ، وقد تركه يحيى القطان .

                                                                                                                                                                                          وقد روينا عن موسى هذا أنه قال : كان أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أعرابا حفاة فجئنا نحن أبناء فارس فلخصنا هذا الدين - فانظروا بمن يحتجون على السنن الثابتة .

                                                                                                                                                                                          ثم عن مكحول عن جنادة - ومكحول لم يدرك جنادة . ثم لو صح لكان حجة عليهم ، لأنه مبطل لقولهم : إن الذي وجد الركاز له أن ينفرد بجميعه دون طيب نفس إمامه .

                                                                                                                                                                                          ثم نقول للمحتج بهذا الخبر : أرأيت إن لم تطب نفس الإمام لبعض الجيش بسهمهم من الغنيمة أيبطل بذلك حقهم ؟ إن هذا لعجيب وهم لا يقولون بهذا ; فصاروا أول مخالف لما حققوه واحتجوا به ، وهذا فعل من لا ورع له .

                                                                                                                                                                                          وقالوا : قد روي من طريق غالب بن حجرة عن أم عبد الله بنت الملقام بن التلب عن أبيها [ عن أبيه ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من أتى بمولى فله سلبه } قالوا : فقولوا بهذا أيضا " .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فقلنا إنما يلزم القول بهذا من يقول بحديث مبشر بن عبيد الحمصي لا صداق أقل من عشرة دراهم ، ومن يقول بحديث أبي زيد مولى عمرو بن حريث في إباحة الوضوء بالخمر ، وتلك النطائح والمترديات . فهذا الخبر مضاف إلى تلك .

                                                                                                                                                                                          وأما من لا يأخذ إلا بما روى الثقة عن الثقة فليس يلزمه أن يأخذ بما رواه غالب بن حجرة المجهول عن أم عبد الله بنت الملقام التي لا يدرى من هي ؟ عن أبيها الذي لا يعرف ، والقوم في عمى نعوذ بالله مما ابتلاهم به ، وتالله لو صح لقلنا به ولم نجد في أنفسنا حرجا منه .

                                                                                                                                                                                          فإن ذكروا ما رويناه من طريق سعيد عن قتادة وقد قيل : إن عمرو بن شعيب رواه عن أبيه عن جده في سبب نزول الأنفال " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل الرجل من المسلمين سلب الكافر إذا قتله ، فأمرهم أن يرد بعضهم على بعض ، قال { اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } أي ليردن بعضكم على بعض . [ ص: 406 ]

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا لا شيء لأنها صحيفة ومرسل ، ولو صح لكان في أمر بدر وقد قلنا : إن القضاء بالسلب للقاتل كان في حنين بعد ذلك بأعوام ستة أو نحوها .

                                                                                                                                                                                          ثم موهوا بقياسات سخيفة كلها لازم لهم وغير لازم لنا . منها : أن قالوا : لما كان الغانم ليس أحق بما غنم كان القاتل في السلب كذلك ; ولو كان السلب حقا للقاتل لكانت الأسلاب - إذا لم يعرف قاتلو أهلها - موقفة كاللقطة . قال أبو محمد : القياس باطل ، وإنما يلزم القياس من صححه ، وهم يصححونه فهو لهم لازم فليبطلوا بهاتين الأحموقتين قولهم : [ إن السلب ] للقاتل إذا قال الإمام [ قبل القتال ] : من قتل قتيلا فله سلبه - فهذا يلزمهم إذ عدلوا هذا الإلزام على أنفسهم . وأما نحن فنقول : إن كل مال لا يعرف صاحبه فهو في مصالح المسلمين ، وكل سلب لا تقوم لقاتله بينة فهو في جملة الغنيمة بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونص قوله لا نتعداه والحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : ويكفي من هذا أن الله تعالى قال : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السلب للقاتل إذا قامت له بينة ، فإن كانت طاعته عليه السلام واجبة فالسلب حق للقاتل متى قامت له به بينة ولا خيرة لأحد - لا إمام ولا غيره - في خلاف ذلك ، لنص كلام الله تعالى ، وإن كانت طاعته عليه السلام ليست واجبة فهذا كفر من قائله ، وإذا لم يكن السلب من حق القاتل بقوله عليه الصلاة والسلام : إنه له إذا قامت له به بينة ، فمن أين خرج لهم ؟ وأين وجدوا ما يوجب قولهم الفاسد ؟ : في أن الإمام إذا قال : من قتل قتيلا فله سلبه . كان السلب حينئذ للقاتل ، ولا نعمى عين للإمام أن يكون قوله تحريما أو إيجابا .

                                                                                                                                                                                          فظهر فساد قولهم جملة وتعريه من الدليل ، وهو قول لم يحفظ قط قبلهم لا عن صاحب ، ولا عن تابع - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية