الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين

                                                                                                                                                                                                يقال: استخلصه واستخصه، إذا جعله خالصا لنفسه وخاصا به، فلما كلمه : وشاهد منه ما لم يحتسب، "قال": أيها الصديق ، إنك اليوم لدينا مكين : ذو مكانة ومنزلة، أمين : مؤتمن على كل شيء، روي أن الرسول جاءه فقال: أجب الملك، فخرج من السجن ودعا لأهله: "اللهم، أعطف عليهم قلوب الأخيار، ولا تعم عليهم الأخبار، فهم أعلم الناس بالأخبار في الواقعات"، وكتب على باب السجن: هذه منازل البلوى، وقبور الأحياء، وشماتة الأعداء، وتجربة الأصدقاء، ثم اغتسل وتنظف من درن السجن، ولبس ثيابا جددا فلما دخل على الملك، قال: "اللهم، إني أسألك بخيرك من خيره، وأعوذ بعزتك وقدرتك من شره"، ثم سلم عليه، ودعا له بالعبرانية، فقال: ما هذا اللسان ؟ قال: لسان آبائي، وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا، فكلمه بها فأجابه بجميعها، فتعجب منه، وقال: أيها الصديق ، إني أحب أن أسمع رؤياي منك، فقال: رأيت بقرات فوصف لونهن وأحوالهن ومكان خروجهن، ووصف السنابل وما كان منها على الهيئة التي رآها الملك لا يخرم منها حرفا، وقال له: من حقك أن تجمع الطعام في الأهراء، فيأتيك الخلق من النواحي يمتارون منك، ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد قبلك.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية