الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ثرب ]

                                                          ثرب : الثرب : شحم رقيق يغشى الكرش والأمعاء وجمعه ثروب . والثرب : الشحم المبسوط على الأمعاء والمصارين . وشاة ثرباء : عظيمة الثرب ; وأنشد شمر :


                                                          وأنتم بشحم الكليتين مع الثرب

                                                          وفي الحديث : نهى عن الصلاة إذا صارت الشمس كالأثارب أي إذا تفرقت وخصت موضعا دون موضع عند المغيب . شبهها بالثروب ، وهي الشحم الرقيق الذي يغشي الكرش والأمعاء ، الواحد ثرب وجمعها في القلة : أثرب ; والأثارب : جمع الجمع . وفي الحديث : إن المنافق يؤخر العصر حتى إذا صارت الشمس كثرب البقرة صلاها . والثربات : الأصابع . والتثريب كالتأنيب والتعيير والاستقصاء في اللوم . والثارب : الموبخ . يقال : ثرب وثرب وأثرب إذا وبخ . قال نصيب :


                                                          إني لأكره ما كرهت من الذي     يؤذيك سوء ثنائه لم يثرب

                                                          وقال في أثرب :


                                                          ألا لا يغرن امرأ من تلاده     سوام أخ داني الوسيطة مثرب

                                                          قال : مثرب قليل العطاء وهو الذي يمن بما أعطى . وثرب عليه : لامه وعيره بذنبه وذكره به . وفي التنزيل العزيز قال : لا تثريب عليكم اليوم . قال الزجاج : معناه لا إفساد عليكم . وقال ثعلب : معناه لا تذكر ذنوبكم . قال الجوهري : وهو من الثرب كالشغف من الشغاف . قال بشر ، وقيل هو لتبع :


                                                          فعفوت عنهم عفو غير مثرب     وتركتهم لعقاب يوم سرمد

                                                          وثربت عليهم وعربت عليهم ، بمعنى ، إذا قبحت عليهم فعلهم . والمثرب : المعير ، وقيل : المخلط المفسد . والتثريب : الإفساد والتخليط . وفي الحديث : إذا زنت أمة أحدكم فليضربها الحد ولا يثرب ; قال الأزهري : معناه ولا يبكتها ولا يقرعها بعد الضرب . والتقريع : أن يقول الرجل في وجه الرجل عيبه ، فيقول : فعلت كذا وكذا . والتبكيت قريب منه . وقال ابن الأثير : أي لا يوبخها ولا يقرعها بالزنا بعد الضرب . وقيل : أراد لا يقنع في عقوبتها بالتثريب بل يضربها الحد ، فإن زنا الإماء لم يكن عند العرب مكروها ولا منكرا ، فأمرهم بحد الإماء كما أمرهم بحد الحرائر . ويثرب : مدينة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والنسب إليها يثربي ويثربي وأثربي وأثربي فتحوا الراء استثقالا لتوالي الكسرات . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى أن يقال للمدينة يثرب ، وسماها طيبة ، كأنه كره الثرب ; لأنه فساد في كلام العرب . قال ابن الأثير : يثرب اسم مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - قديمة ، فغيرها وسماها طيبة وطابة كراهية التثريب ، وهو اللوم والتعيير . وقيل : هو اسم أرضها ; وقيل : سميت باسم رجل من العمالقة . ونصل يثربي وأثربي ، منسوب إلى يثرب . وقوله :


                                                          وما هو إلا اليثربي المقطع

                                                          زعم بعض الرواة أن المراد باليثربي السهم لا النصل ، وأن يثرب لا يعمل فيها النصال . قال أبو حنيفة : وليس كذلك ; لأن النصال تعمل بيثرب وبوادي القرى وبالرقم وبغيرهن من أرض الحجاز ، وقد ذكر الشعراء ذلك كثيرا . قال الشاعر :


                                                          وأثربي سنخه مرصوف

                                                          أي مشدود بالرصاف . والثرب : أرض حجارتها كحجارة الحرة إلا أنها بيض . وأثارب : موضع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية