الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 2 ] ( باب الوصية بأكثر من الثلث لوارث فيجيز ذلك بعض الورثة )

( قال رحمه الله ) : وإذا ترك الرجل ابنين فأوصى لأحدهما بنصف ماله ، فأجاز ذلك له أخوه أخذ نصف المال بالوصية ، والباقي بينهما نصفان ; لأن الوصية بما زاد على الثلث ، والوصية للوارث إنما تمتنع بقوله : لحق الورثة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا وصية لوارث } إلى أن يجيزه الورثة فإذا وجدت الإجازة فقد زال المانع فيأخذ الموصى له نصف المال بطريق الوصية ، والإرث ينبغي عن المستحق بالوصية يبقى ما له النصف الباقي فيكون بين الاثنين نصفين بالميراث ، فإن قيل : لماذا لم يجعل الميراث مقدما على الوصية للوارث حتى يأخذ نصف المال بالميراث والنصف الباقي بالوصية لإجازة كما قال في الزيادات في امرأة لا وارث لها إلا زوجها فأوصت له بنصف مالها ، فإنه يأخذ النصف بالميراث ، ثم النصف الباقي بالوصية قلنا : لأن هناك بعض المال فارغ عن الميراث ، فإيجابها بالوصية ينصرف إلى ذلك الفاضل وها هنا جميع المال مشغول بالميراث ، فليس البعض يصرف الإيجاب بالوصية إليه بأولى من البعض ; فلهذا أخذ نصف المال بالوصية أولا .

ولو كان أوصى مع هذا بنصف ماله لأجنبي فأجاز ذلك كله الوارثان ، فإن الأجنبي يأخذ نصف المال ويأخذ الموصى له من الوارثين نصف المال ولا ميراث لهما ; لأن المانع من تنفيذ الوصية قد زال بإجازة الوارثين . وما أوجبه بالوصية شامل لجميع المال ; فلهذا يأخذ كل واحد منهما جميع المال بالوصية ، ثم الموصى له الأجنبي يأخذ ثلث المال بلازمة الإجازة ، وهو أربعة من اثني عشر يبقى في يد الابنين ثمانية في يد كل واحد منهما أربعة ، وقد بقي إلى تمام حق الأجنبي سهمان ، في يد كل واحد منهما سهم فيأخذ ذلك من يد كل واحد منهما حتى يسلم له نصف المال . بقي في يد الموصى له من الابنين ثلاثة فيأخذ ذلك بطريق [ ص: 3 ] الوصية ويأخذ فضل ما في يد أخيه ، وهو ثلاثة ; لأنه أجاز له الوصية ، وقد بقي إلى تمام حقه ثلاثة فيأخذ ذلك من أخيه ولم يبق شيء من المال ليكون ميراثا لهما .

ولو كان الابن الذي لم يوص أجاز جميع وصية أبيه ولم يجز الآخر وصية الأجنبي ، يأخذ ثلث المال بغير إجازة ; لأن الثلث محل الوصية ووصية الأجنبي أقوى من الوصية للوارث والضعيف لا يزاحم القوي ; فلهذا أخذ الثلث ، وهو أربعة من اثني عشر ، ويبقى لكل واحد من الابنين أربعة ، وقد بقي إلى تمام حقه سهمان في يد كل واحد منهما سهم فيأخذ من المجيز سهما واحدا ويسلم للابن الموصى له وصيته كلها ; لأن في يده أربعة أسهم ، والباقي إلى تمام وصيته سهمان يأخذهما من أخيه المجيز يبقى في يد المجيز سهم واحد فيأخذ ذلك أيضا ليكون بمقابلة ما سلمه المجيز إلى الأجنبي بإجازته أو يمسك من الأربعة التي في يده سهما بمقابلة ما سلمه المجيز إلى الأجنبي يبقى في يده ثلاثة وفي يد المجيز ثلاثة فيأخذ جميع ذلك منه باعتبار أنه أجاز له الوصية ويخرج المجيز من الميراث .

التالي السابق


الخدمات العلمية