الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 435 ] 995 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن قتل أصحاب الصوامع .

6135 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة .

عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيوشه قال : اخرجوا باسم الله ، قاتلوا من كفر بالله ، لا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تغلوا ، ولا تقتلوا الولدان ، ولا أصحاب الصوامع .

[ ص: 436 ] قال أبو جعفر : ولا نعلمه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن قتل أصحاب الصوامع غير هذا الحديث ، وكان مداره على إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي .

وقد روي عن أبي بكر ما يوافق هذا المعنى .

كما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، حدثني سعيد بن المسيب .

أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - لما بعث الجنود نحو الشام ؛ يزيد بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وشرحبيل بن حسنة كان فيما وصاهم به : أن لا يقتلوا الولدان ، ولا الشيوخ ، ولا النساء ، وقال : ستجدون قوما حبسوا أنفسهم على الصوامع ، فدعوهم وما حبسوا أنفسهم ، وستجدون آخرين اتخذ الشيطان في أوساط رؤوسهم مفاحص ، فإذا وجدتم أولئك فاضربوا أعناقهم إن شاء الله .

[ ص: 437 ] ووجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على هذا المعنى .

6136 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا يوسف بن عدي ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن عبد الله بن ذكوان ، عن مرقع بن صيفي .

عن حنظلة الكاتب قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمررنا بامرأة لها خلق ، وقد اجتمعوا عليها ، فلما جاء أفرجوا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كانت هذه تقاتل ، ثم أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم خالدا : أن لا يقتل امرأة ولا عسيفا .

[ ص: 438 ] قال أبو جعفر : فكان هذا الحديث مردودا إلى حنظلة الكاتب ، ولا نعلم أحدا تابع الثوري على روايته كذلك .

فممن خالفه في ذلك المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي .

6137 - كما حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن ، عن أبي الزناد ، حدثني مرقع بن صيفي ، أخبرني جدي رباح بن الربيع أخو حنظلة الكاتب .

أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة وعلى مقدمته خالد بن الوليد ، فمر رباح وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مجتمعون على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة ، فوقفوا عليها ينظرون إليها ويتعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له ، فأفرجوا عن المرأة ، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ها ، ما كانت هذه تقاتل ، ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم : الحق خالد بن الوليد فقل له : لا تقتلن ذرية ولا عسيفا .

[ ص: 439 ] ومنهم عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه .

6138 - كما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال : حدثني المرقع بن صيفي .

أن جده رباح بن الربيع أخا حنظلة الكاتب أخبره : أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها ، ثم ذكر مثله .

وقال يونس : رباح بن الربيع ، ولم يقل : الربيع بن رباح .

فكان في هذا الحديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة : ما كانت هذه تقاتل ، وقد يكون غير القتال للمسلمين من القتال ، وهو التدبير في الحرب ، والتحريض للقتال ، فمن كان كذلك حل قتله من رجل وامرأة ، وفيما ذكرنا ما قد دل على هذا المعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية