الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل

                                                                                                                                                                                                [ ص: 305 ] لن أرسله معكم : مناف لحالي -وقد رأيت منكم ما رأيت- إرساله معكم، حتى تؤتون موثقا من الله : حتى تعطوني ما أتوثق به من عند الله، أراد أن يحلفوا له بالله; وإنما جعل الحلف بالله موثقا منه لأن الحلف به مما تؤكد به العهود وتشدد، وقد أذن الله في ذلك فهو إذن منه، لتأتنني به : جواب اليمين; لأن المعنى: حتى تحلفوا لتأتنني به، إلا أن يحاط بكم : إلا أن تغلبوا فلم تطيقوا الإتيان به، أو إلا أن تهلكوا.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: أخبرني عن حقيقة هذا الاستثناء ففيه إشكال ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: "أن يحاط بكم" : مفعول له، والكلام المثبت الذي هو قوله: "لتأتنني به" في تأويل النفي، معناه: لا تمتنعون من الإتيان به إلا للإحاطة بكم، أي: لا تمتنعون منه لعلة من العلل إلا لعلة واحدة: وهي أن يحاط بكم، فهو استثناء من أعم العام في المفعول له، والاستثناء من أعم العام لا يكون إلا في النفي وحده، فلا بد من تأويله بالنفي، ونظيره من الإثبات المتأول بمعنى النفي قولهم: أقسمت بالله لما فعلت وإلا فعلت، تريد: ما أطلب منك إلا الفعل، على ما نقول : من طلب الموثق وإعطائه، وكيل : رقيب مطلع.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية