الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الثاني في أحكام القراض الصحيح

                                                                                                                                                                        هي ثلاثة أبواب .

                                                                                                                                                                        الأول : تقيد تصرف العامل بالمصلحة كتصرف الوكيل ، ثم قد تقتضي المصلحة التسوية بينهما ، وقد تقتضي الفرق ، فبيع العامل وشراؤه بالغبن كالوكيل ، ولا يبيع أيضا نسيئة ، ولا يشتري بها . فإن أذن المالك في البيع نسيئة ، ففعل ، وجب الإشهاد ، فإن تركه ضمن ، ولا حاجة إليه في البيع حالا لأنه يحبس المبيع إلى استيفاء الثمن ، ولو سلمه قبل استيفائه ضمن ، كالوكيل . فإن كان مأذونا له في التسليم قبل قبض الثمن سلمه ، ولم يلزمه الإشهاد ، لأن العادة ترك الإشهاد في البيع الحال . ويجوز للعامل البيع بالعرض ، بخلاف الوكيل ، لأنه من مصالح القراض ، وكذا له شراء المعيب إذا رأى فيه ربحا ، فإن اشتراه بقدر قيمته ، قال المتولي : في صحته وجهان ، لأن الرغبات تقل في المعيب .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح : الجواز إذا رأى المصلحة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وإن اشترى شيئا على ظن السلامة ، فبان معيبا ، فله أن ينفرد برده إن كانت فيه غبطة ، ولا يمنعه [ منه ] رضا المالك ، بخلاف الوكيل ، لأن العامل صاحب حق في المال . وإن كانت الغبطة في إمساكه ، لم يكن له رده على الأصح ، لإخلاله بالمقصود . وحيث ثبت الرد للعامل ، فللمالك أولى . قال الإمام : ثم العامل [ ص: 128 ] يرد على البائع وينقض البيع . وأما المالك ، فإن كان الشراء بعين مال القراض ، فكمثل ، وإن كان في الذمة ، فيصرفه المالك عن مال القراض . وفي انصرافه إلى العامل ما سبق في انصراف العقد إلى الوكيل إذا لم يقع للموكل . ولو تنازع المالك والعامل في الرد وتركه عمل بالمصلحة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا يجوز للمالك معاملة العامل ، بأن يشتري من مال القراض شيئا ، لأنه ملكه كالسيد مع المأذون له .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا يجوز أن يشتري للقراض بأكثر من رأس المال . فلو فعل ، لم يقع ما زاد عن جهة القراض . فلو دفع إليه مائة قراضا ، فاشترى عبدا بمائة ، ثم آخر بمائة للقراض أيضا ، لم يقع الثاني للقراض ، بل ينظر إن كان اشتراه بعين المائة فالشراء باطل ، سواء اشترى الأول بعين المائة أو في الذمة . وإن اشتراه في الذمة ، انصرف إلى العامل حيث ينصرف شراء الوكيل المخالف إليه . وإذا انصرف إليه ، فصرف مائة القراض في ثمنه ، فقد تعدى ، ودخلت المائة في ضمانه ، لكن العبد الأول يبقى أمانة في يده لأنه لم يتعد فيه . فإن تلفت المائة والشراء الأول بعينها انفسخ ، وإن كان في الذمة ، لم ينفسخ ، وثبت للمالك على العامل مائة ، والعبد الأول للمالك ، وعليه لبائعه مائة ، فإن أداها العامل بإذن المالك ، وشرط الرجوع ، ثبت له مائة على المالك ، ووقع الكلام في التقاص . وإن أداها بغير إذنه برئ المالك عن حق صاحب العبد ، ويبقى حقه على العامل . [ ص: 129 ]

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية