الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      العز بن الحافظ

                                                                                      الإمام العالم الحافظ المفيد الرحال عز الدين أبو الفتح محمد ابن الحافظ الكبير تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي . مولده بالدير الصالحي في سنة ست وستين وخمسمائة في أحد الربيعين .

                                                                                      وارتحل سنة ثمانين ، فسمع من أبي الفتح بن شاتيل ، ونصر الله القزاز ، ومن بعدهما . وتفقه على ناصح الإسلام بن المني ، وسمع بدمشق من أبي المعالي بن صابر ، ومحمد بن أبي الصقر ، والخضر بن طاوس ، [ ص: 43 ] وأقدم شيخ له أبو الفهم بن أبي العجائز .

                                                                                      قال ابن النجار : سمعنا منه وبقراءته كثيرا ، وكتب كثيرا ، وحصل الأصول واستنسخ ، وكان يعيرني الأصول ويفيدني ويتفضل إذا زرته ، وكان من أئمة المسلمين حافظا للحديث متنا وإسنادا ، عارفا بمعانيه وغريبه ، متقنا للأسماء مع ثقة وعدالة ، وأمانة وديانة ، وكيس وتودد ، ومساعدة للغرباء . وقال الشيخ الضياء : كان حافظا فقيها ذا فنون ، وكان أحسن الناس قراءة وأسرعها ، وكان غزير الدمعة عند القراءة ، ثقة متقنا سمحا جوادا .

                                                                                      قلت : وارتحل بأخيه أبي موسى ، فسمعا بأصبهان من مسعود الجمال ، وعبد الرحيم بن محمد الكاغدي ، وأبي المكارم اللبان ، وعدة .

                                                                                      وقال الضياء : سافر العز مع عمه الشيخ العماد ، وأقام ببغداد عشر سنين ، فاشتغل بالفقه والنحو والخلاف ، وكان يقرأ للناس الحديث كل ليلة جمعة بمسجد دار بطيخ ، ثم انتقل إلى الجامع إلى موضع أبيه ، فكان يقرأ يوم الجمعة بعد الصلاة . وطلب إلى الملك المعظم ، فقرأ له في " المسند " على حنبل وأحبه ، وخلع عليه . وهو الذي أذن له في المجلس بالجامع ، وطلب منه مكانا للحنابلة بالقدس ، فأعطاه مهد عيسى ، وكان يسارع إلى الخير ، وإلى مصالح الجماعة ، وكان لا يكاد بيته يخلو من الضيوف . ثم سرد له الشيخ الضياء عدة منامات رؤيت له تدل على فوزه . وقد رثاه الشيخ موفق الدين . ومات في تاسع عشر شوال سنة ثلاث عشرة وستمائة [ ص: 44 ] وحدث عنه الضياء ، والقوصي ، والبرزالي ، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر ، والفخر علي .

                                                                                      وسمعنا بإجازته على أبي حفص بن القواس ، وخطه كبير مليح رشيق ، لي جماعة أجزاء بخطه - رحمه الله .

                                                                                      وفيها توفي : أبو اليمن الكندي ، وصاحب حلب الملك الظاهر ، والقاضي ثقة الملك عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مجلي المصري ، وأبو محمد عبد الرحمن بن علي الزهري الإشبيلي صاحب شريح ، والصائن عبد الواحد بن إسماعيل الدمياطي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية