حل مشكلات العالم الإسلامي .. بالتربية

19/03/2002| إسلام ويب

- العالم الإسلامي يواجه تحديات متشابكة ومتنوعة تحركها قوي الهيمنة ومعاداة الإسلام.
- المرونة والارتباط بالتقدم التكنولوجي والاحتكام إلي المعايير الأخلاقية أهم عناصر السياسة التربوية الإسلامية.
ليس من المبالغة أو "استسهال" التفسير التآمري القول بأن تضييق مفهوم التربية وحصره في عمليات فسيولوجية تسفر عن "نمو" الجسم مع بقاء العقل والفكر مشاعا لتربيهما أطراف أخري وفق ما يحابي مصالحها هو أمر متعمد وجزء من مخطط عدائي يستهدف عزل التربية عن مجال الفعل العام وتنحيتها عن المشاركة في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجه عالمنا الإسلامي الذي يراد له أن يطبق نظريات تربوية تبعد به عن مجال الريادة، وأن يتم تسريب هذه النظريات عبر نخبة صنعها الاستعمار علي عينه لتكسبها مصداقية وقبولا.
والتربية في الرؤية الإسلامية تعمد إلي توجيه سلوك المجتمع - أفرادا ومؤسسات - إلي ما يخدم هدف الدولة الإسلامية المنشودة في التحليل الأخير، هذا الهدف الذي لايعني التقوقع علي الذات الحضارية، بل تنميتها وإنتاج المعرفة في كل المجالات في إطار الاحتفاظ بالهوية الثقافية للأمة الإسلامية.
والتربية جهد مستقبلي يهييء الأجيال الحاضرة لعبء المستقبل وتحدياته، أو هكذا يجب أن يكون.
نظام متكامل
هذا الجهد لا يفتقر إلي أدبيات وكتابات مخلصة تحاول تأصيله وتحديد دوره في مجابهة تحديات اليوم والغد، ولا يبقي إلا أن تجد هذه الأدبيات أطرا مؤسسية تطبق أطروحاتها وتنفذ مقترحاتها بشكل عملي.
من هذه الأدبيات بحث أعده د. محمود أحمد شوق - مستشار رئيس رابطة الجامعات الإسلامية - حول التحديات المستقبلية التي تواجه العالم الإسلامي ومهمات التربية في التغلب عليها.
هذه التحديات - كما يقول البحث - متعددة ومتنوعة ومتشابكة سواء كان مصدرها الأوضاع العالمية المعاصرة أو التقدم العلمي والتقني المعاصر، أو الوضعية الداخلية للعالم الإسلامي، وهي نظام متكامل تحركه قوي الهيمنة عبر تكتلاتها الاقتصادية والعسكرية التي تري في الإسلام عائقا أمام استكبارها وهيمنتها، وتسفر عن ذلك في شكل كتابات منظريها التي تجمع علي أن الثورة القادمة ستكون إسلامية، مما يحتم تمييع المبادئ والعقائد الروحية التي يؤمن بها المسلمون وعدم ترك الحركة الفدائية لتتخذ طابعا إسلاميا حتي لا تصبح شعلة من نار الحماس الديني، فالفداء إذا تملكته عقيدة دينية تلاشت أمامه كل العقائد الأخري بما فيها الماركسية.
وبالإضافة إلي هذا الموقف العدائي من الإسلام يواجه المسلمون نمطا من التغريب والتبعية في كل مجالات الحياة، كما انتقلت إليه بعض أنماط الانحرافات الأخلاقية من العالم المتقدم مثل المخدرات والشذوذ الجنسي.
أما التحديات المتعلقة بالتقدم التكنولوجي فهي حجب التقدم العلمي عن الدول النامية التي تحاول أن تنقل منه ما لا يلائم بيئاتها، والغزو الثقافي الناتج عن احتكار العالم المتقدم لتقنية البث المباشر، وضعف الهوية الثقافية، وتراجع العقائد نتيجة السطوة الإعلامية للغرب والصهيونية مع التخلف العسكري، والإنفاق الباهظ لاستيراد معداته، بما يؤثر علي القرار السياسي للدول النامية، ولا تنبع التحديات التي تواجه العالم الإسلامي من خارجه فقط، بل من داخله أيضا فمعظم الدول الإسلامية عازفة عن تطبيق الشريعة الإسلامية، مما يكرس التوجه الغربي فيها والتضامن الإسلامي غائب، كما أن المنتمين إلي الحركة الإسلامية يقع بعضهم في مصيدة الغلو والجمود، وهناك فجوة واسعة بينهم وبين الحكام الذين لا يستفيدون من طاقات أبناء الأمة بالقدر الكافي، كذلك يتسم الإعلام في الدول النامية بالتوجه العلماني، وتشيع داخلها الحروب الأهلية، مما يضعف قدرتها مع غياب التضامن بينها أيضا علي مواجهة تحديات النظام العالمي الجديد.
استثمار الفرص التعليمية
ويحدد البحث أهم معالم وعناصر السياسة الإعلامية التي تؤهلها لمواجهة التحديات السابقة وغيرها في:
- اعتبار التربية عملية استثمار ينبغي أن تتفوق مخرجاتها علي مدخلاتها، ومن ثم فإن تطويرها يجب أن يلازم جميع خطواتها.
- التقويم المستمر للعملية التعليمية لتصحيح مسارها أولا بأول.
- ترسخ العقيدة الإسلامية والمحافظة علي الهوية العقائدية للمسلمين.
- تقوية الانتماء الإسلامي وتعزيز الشعور بالواجب نحو توحيد الأمة الإسلامية لتواجه الكيانات الكبري.
- دعم حرية التعبير وفق الضوابط الإسلامية.
- حسن استثمار الفرص التعليمية لسد ثغرات الأمية وتنشيط الحراك الاجتماعي ورفع مستوي الإنتاج كما وكيفا لتحرير إرادة الأمة من قيد المعونات الخارجية.
- مرونة الحركة التعليمية وتنويع خططها ومناهجها لتتلاءم مع المشكلات القائمة في المجتمع وتوفر للمتعلمين آليات المشاركة في حلها.
- ربط التعليم بالمستحدثات التكنولوجية وحاجات المجتمع والاهتمام بالبحث والتجريب في العملية التعليمية.
- الاهتمام بمناهج الدراسات المستقبلية وتنمية مواهب الطلاب بعد اكتشافها بوسائل علمية وتربوية لتكون ثمرة العملية التعليمية شخصية فاعلة وكفاءات إدارية ومهارات فنية عالية.
- التنسيق الكامل بين مؤسسات الإعلام والتعليم والأسرة في العناية بالثقافة الإسلامية، وإيجاد التوازن الثقافي بين معطيات الدين والتقدم التكنولوجي.
- التنسيق بين جامعات العالم الإسلامي خاصة في التحقيقات العلمية الدقيقة استثمارا للخبرات وترشيدا للإنفاق.
- الاهتمام بإنشاء الأكاديميات التي تعني بالبحوث الأساسية علي مستوي العالم الإسلامي وتتوافر لها إمكانات تؤهلها لمنافسة نظائرها من المؤسسات الأجنبية.
التربية الجهادية
أما بالنسبة لدور المناهج الإسلامية في التصدي للتحديات المستبقلية التي تواجه العالم الإسلامي، فيمكن تحقيق أقصي فعالية له بالحرص علي مرونة المناهج ومواكبتها للتطورات العلمية المتسارعة، وتدعيمها بما يؤهل الطلاب لاكتساب الخبرات والقدرات البحثية علي أن يحكم تلك المناهج إطار أخلاقي وانفتاح علي تجارب العصر أيضا.

ومن الأهمية بمكان أن تراعي المناهج قدرات كل من الجنسين وتساهم في إعداده لأداء مهامه المستقبلية بكفاءة، وللمكتبة دور مهم في إنجاح العملية التعليمية علي أن يكون اختيار محتواها الثقافي وفق معايير علمية وتربوية تراعي حاجات المجتمع والمتعلمين والمعلمين.
ويجب أن تهتم المناهج التعليمية بالبيئة والوسائل الأمثل لاستثمارها.

وتوظيف المناهج في التربية الجهادية أمر ضروري أيضا لإكساب الطلاب مهارات الدفاع عن النفس وتهيئتهم لمناخ الحروب وتعريفهم بأساليب الحرب النفسية التي يستخدمها العدو، وهذا معني من معاني إعداد القوة لإرهابه.
ويجب أن تسهم المناهج في دراسة وتقصي أسباب مشكلات العالم الإسلامي وسبل التعاون بين الدول الإسلامية في حلها من خلال البحوث العلمية محلية وعالمية.

وفي مناخ التكتلات العلمانية يجب أن تتضمن المناهج الدراسية مفاهيم الوحدة الإسلامية، وآليات تحقيقها لإحداث التكامل بين دول العالم الإسلامي في كافة المجالات

 

www.islamweb.net