حريتنا وحريتهم .. مشاعرنا ومشاعرهم

09/02/2006| إسلام ويب

مما لا شك فيه أنه لا يوجد مجتمع على وجه الأرض يتمتع بحرية مطلقة، بل هناك في كل منها ضوابط وحدود لهذه الحرية إذا تجاوزها أحد تعرض للمساءلة والعقوبة. إنها مسألة بدهية لا تحتاج إلى نقاش، والتفاوت بين المجتمعات في هامش الحرية وحدودها لكن لا توجد حرية بلا حدود، وعند القوم: أنت حر ما لم تضر، أما قديمًا فقالت العرب: إن حرية الفرد تنتهي عند أنف الآخرين.

لسنا الآن بصدد البحث في هوامش الحرية الممنوحة هنا أو هناك، لكننا نشير مجرد إشارات إلى مواقف الآخرين حين يتعلق الأمر بحريتهم ومشاعرهم ونقارن بين هذه المواقف وبين مواقفهم هم أنفسهم حين يتعلق الأمر بحريتنا ومشاعرنا.

فحين اتخذت حكومة طالبان قرارًا بهدم صنم بوذا تحركت الأمم المتحدة وأعربت الإدارة الأمريكية عن انزعاجها وأصابت الصدمةُ القيادة الفرنسية ، وقال يومها مدير عام منظمة اليونسكو:يتعين إيجاد حل عادل يحظى بالإجماع لهذه المسألة الخطيرة ،وناشدت الدول الأوربية العالم الإسلامي التدخل لإنقاذ هذه الأصنام، وتحركت منظمة المؤتمر الإسلامي، وسافر بعض العلماء لإثناء الحكومة هناك عن قرارها، ألم يكن مناسبًا وقتها أن يندرج الأمر في إطار الحرية المزعومة؟.وتتساءل أين كان الغرب ووسائل إعلامه حين هدم المسجد البابري الذي يعد واحدا من أقدم المساجد في العالم؟ وأين هم ووسائل إعلامهم اليوم وأمس وغدا مما يحدث تحت أساسات المسجد الأقصى من حفريات تهدده بالسقوط والدمار؟.

على الجانب الآخر وحين اشتعلت نار الحرب على العراق فقامت بعض الفضائيات بنقل الصور والأحداث من أرض المعركة فلم يعجب ذلك الإدارة الأمريكية. ألم يكن نشر التقارير الإعلامية خاضعا لرقابة شديدة من المسؤولين العسكريين؟ ثم ألم تقم القوات الغازية بإسكات الأصوات التي كانت تحاول نقل الحقيقة على أرض الواقع من خلال قتل المحررين والمصورين،وقصف مواقعهم؟ فأين حرية التعبير والإعلام؟ ألم يجعلوا لها حدودًا؟

وإذا أتينا إلى ما يسمى الهولوكوست أو المحرقة اليهودية لوجدنا العجب، حدث تاريخي يخضع – كغيره – للبحث والدراسة التاريخية، سواء من حيث إثباتها أو نفيها، أو من حيث أعداد القتلى أو غير ذلك.. أليس هذا مندرجًا في إطار حرية البحث العلمي؟ أليس هو من قبيل حرية التعبير؟

الإجابة البدهية معروفة، لكننا نرى قوانين تجرِّم مجرد التعرض لهذه الحادثة ولو بالبحث العلمي، ويتعرض الباحث أو الإعلامي في هذه الحالة للمحاكمة والعقوبة لمجرد أنه أبدى رأيًا، فأين هي هذه الحرية المزعومة؟.

كما رأينا دولا تضيق ذرعا بحجاب المرأة المسلمة فتصدر القوانين التي تمنعها من ارتداء حجابها في المؤسسات التعليمية ، أليس ارتداء المرأة حجابا من قيبل الحرية الشخصية؟ وهل يقبل هؤلاء قيام الدول الإسلامية بإلزام فتيات الغرب المقيمات فيها بلبس الحجاب باعتبار التعري والتفسخ أمرا لا يقره دين هذه البلاد أو نظامها الاجتماعي؟ الإجابة واضحة ومعروفة فلو حدث ذلك لقامت الدنيا ولم تقعد ؛ لأن الأمر في هذه الحالة يتعلق بحريتهم هم أما نحن فلا قيمة لحريتنا.

وأخيرًا إذا كان القوم يؤمنون بحرية التعبير ويحرصون عليها؛ فلماذا لم ينشروا لنفس الرسام الذي أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا لم ينشروا رسومه التي تناول فيها السيد المسيح عليه السلام؟ أليست حرية تعبير؟ إننا نعلن أنهم لو نشروا مثل هذه الرسوم عن المسيح عليه السلام لكنا أسبق الناس إلى إدانتها والمطالبة بتصحيح الوضع ومحاكمة المسؤولين عنها؛ لأننا نؤمن بعيسى عليه السلام النبي الرسول، بل نحن أولى به من غيرنا.

لقد كان السبب المعلن لرفض القائمين على الصحيفة نشر الرسوم المتعلقة بالمسيح أن نشر هذه الرسوم عن المسيح عليه السلام سيؤذي مشاعر الناس، نعم هذه حقيقة، لكن أليس من الحقيقة أيضًا أن نشر الرسوم عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم سيؤذي أيضًا مشاعر الناس؟ أم أن مشاعر أكثر من مليار مسلم ليس لها اعتبار؟!.

إن الواقع يثبت أن قضية حرية الرأي والتعبير هي من الأسلحة التي يستخدمها القوم متى شاءوا ويبطلونها متى شاءوا، فإذا كان الأمر متعلقًا بما يمسنا أو يمس معتقداتنا؛ فالحرية ليس لها حدود، أما إذا تعلق الأمر بهم فالقيود كثيرة والقوانين واضحة، والإدانات جاهزة. والأمر الآن فيما يتعلق بالدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  منوط بنا نحن المسلمين، فماذا نحن فاعلون؟.

www.islamweb.net