أطفالنا والإلكترونيات الحديثة

22/02/2006| إسلام ويب

التلفاز والحاسب والإنترنت والألعاب الإلكترونية (بلاي ستيشن، جيم بوي، بي إس بي .. وغيرها) من أكبر التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة في تربية أبنائها في وقتنا الحاضر.. وكثير من الأسر تحتار في الموقف الذي تتخذه تجاه هذه المستجدات، فإما أن تمنعها وتحارب وجودها في البيت، أو أنها تنساق وراء كل جديد وتترك الطفل يتعامل معها دون قيد أو شرط، وكلا الموقفين مجانب للصواب؛ لأننا في الحالة الأولى لا يمكن أن نحرم أبناءنا أن يعيشوا زمانهم، وأن يكونوا أبناء عصرهم، لأننا سنواجه ضغوطًا كثيرة منهم وممن حولنا، وفي النهاية سنرضخ للواقع. وهذا ما يحدث لكثير من الأسر التي منعت في البداية لكنها عادت ورضخت للضغوط.. أما الحالة الثانية فخطرها أعظم؛ لأنها تركت الباب مفتوحًا لخطر جسيم يمكن أن يداهمها، ويؤثر على قيمها ومبادئها.

وكما يقال: خير الأمور الوسط، والتجربة أثبتت أن سياسة المنع لا تنجح أبدًا؛ لأنها لا تنتج أبناء أقوياء يثقون بأنفسهم ويتشبثون بقيمهم؛ لأنه متى مازال المنع فإنهم ينساقون وراءها، بل يكون أثرها عليهم أشد وأبلغ، وبالمقابل فإن خطر تركها دون رقيب وحسيب يؤدي إلى آثار سلبية كثيرة يطول الحديث عنها، من أهمها: الآثار الصحية (السمنة، العصبية، عدم التركيز، ضعف النظر ...إلخ)، والآثار النفسية (الانسحاب والعزلة، وعدم التفاعل مع الأسرة والمجتمع، والكسل، والعنف...)، والآثار الأخلاقية (تبنّي قيم سلبية، الانسياق وراء العلاقات المحرمة من حب وصداقة..)

ضوابط الاستخدام   

ومن المهم أن نتذكر – قبل أن نتخذ أي سياسة أسرية حيال هذا الموضوع – أن التلفاز والحاسب والإنترنت والألعاب الإلكترونية وغيرها ما هي إلا أدوات وكيفية استخدامها هو الذي يحدد حكمنا عليها بالفائدة أو الضرر، وبالمنع أو السماح.

ومن المهم أيضًا أن تتعامل الأسرة مع هذا التحدي كما تتعامل مع أي مشكلة تربوية أخرى، وذلك بأن تقدر حاجة الطفل إلى الضبط، فالطفل يحتاج أن يضبط سلوكه في التعامل مع هذه المستجدات، وعملية الضبط تحتاج إلى عدة شروط لكي تكون فعالة وهي:

(1)  ضرورة وضوح الضوابط التي تحكم استخدام هذه المستجدات، أي أن نتحدث مع أطفالنا قبل شراء الجهاز عن الضوابط التي يجب أن يسيروا عليها ليُسمح لهم باستخدامه.

(2)  نشترك مع أطفالنا في وضع هذه الضوابط، ونحاور، ونقنع، ونعلل، والطفل يستجيب أكثر إذا فهم وشعر بمشاركته في القرار.

(3)  ضوابط الاستخدام يجب أن تشمل الوقت (عدد ساعات الاستخدام، متى يمكن استخدام الجهاز، هل يسمح باستخدامه أثناء الأسبوع أو في نهاية الأسبوع، قبل أداء الواجبات أو بعد ...)، وتشمل أيضًا المحتوى، أي المضمون في اللعبة أو البرنامج أو الموقع.. ويجب ألا نتهاون في صرف أطفالنا عن ألعاب العنف، أو تلك التي تحتوي على ما يخالف قيمنا ومعتقداتنا، وإقناعهم بذلك.

(4)  ضرورة الثبات والاستمرارية في تطبيق الضوابط التي تم الاتفاق عليها مع الأطفال.. والتذبذب يؤدي إلى عدم إحساس الطفل بالأمن، وانعدام ثقته بوالده؛ لأنه لا يعرف ما الذي يريده.

(5)  لابد من الحزم عند عدم الالتزام بتطبيق الضوابط، واتخاذ إجراء يمنع تكراره مستقبلاً، كالمنع من اللعب مدة يوم، وغير ذلك، وبالمقابل التشجيع عند الانضباط.

(6)  لابد من التدرج والمرونة، خاصة إذا كان الأمر في السابق متروكًا دون ضوابط.

(7)  لابد من استخدام المراقبة والمتابعة عن بعد، ودون أن يشعر الطفل بذلك؛ خاصة استخدام الإنترنت.

يتفق كثير من الآباء والأمهات على ضرورة التقليل من جلوس أطفالهم أمام التلفاز أو الفيديو، أو استخدام الأجهزة الإلكترونية المختلفة، ولكنهم يتساءلون عن كيفية تحقيق ذلك. وقد أشرنا إلى أهم الضوابط التي ينبغي للأسرة أن تراعيها عند السماح بدخول مثل هذه المستجدات إلى البيت، ولكن لابد من التنبيه إلى أننا لا يمكن أن نقلل ساعات مشاهدة التلفاز إذا كان مفتوحًا طوال الوقت، أو إذا كان موجودًا في غرف النوم! ولا يمكننا التحكم باستخدام جهاز الحاسب أو الإنترنت وهو موجود في غرفة النوم! لابد أن نضع هذه الأجهزة في مكان عام في البيت (صالة البيت، المكتبة، غرفة اللعب..) أي في مكان تصعب فيه خلوة الطفل مع الجهاز.

بدائل تقلل التعلق بالإلكترونيات :

ثم لابد أن نفكر ببدائل مغرية نقدمها لأطفالنا عوضًا عن الوقت الذي يقضى مع تلك الأجهزة، ويجب أن نشاركهم في قضاء أوقات أكثر معهم مهما كانت مشاغلنا، وفيما يأتي بعض الأفكار التي يمكن أن تساعد الوالدين لتقديم بدائل ممتعة ومفيدة لأطفالهم.

1- اكتشف هوايات طفلك وطورها: ابحث عن ميول طفلك وشجعها، وكل طفل لديه اهتمام في جانب معين، طور هذه الاهتمام ليصبح هواية، وابحث عن دورات أو كتب أو معلمين، ولا تبخل بشراء الأدوات التي تعزز هذه الهواية.

2-  قراءة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: اشتر كتابًا في السيرة النبوية، واقرأ فيه مع أطفالك، وخصص لذلك وقتًا حسب قدرتك، وبعد الانتهاء من سيرة الرسول يمكن القراءة في سير الصحابة والملوك وعظماء التاريخ.

3-  في المطبخ: عوّدي طفلتك على دخول المطبخ والاستمتاع بإعداد الوجبات الخفيفة.. ويمكنك شراء كتاب طبخ خاص بالأطفال.

4-  جهز منطقة للعمل: حدد مكانًا في أي ركن في المنزل ليكون منطقة عمل لأطفالك.. ضع فيه طاولة صغيرة وكراسي، وسلة للمهملات، وألوان، ومقص، وصمغ، وأوراقًا ملونة.. جدد في الخامات التي يمكن أن يبتكر منها طفلك.. علب الكرتون الفارغة، لفات مناديل ورق الحمام، علب البلاستيك، كرتون البيض، مجلات قديمة، سيقضي طفلك فيها أطول الأوقات وأمتعها.

5- مجلة أو صحيفة أسرية: يعد الطفل مجلة شهرية أو أسبوعية للأسرة تحتوي على أخبار الأسرة وقصص ومنوعات، ويمكن توزيعها على نطاق الأسرة الكبيرة (الجد والأعمام والأخوال)، وإذاعة متنقلة، وفر لطفلك جهاز تسجيل مع سماعة، ليجري مقابلات مع أفراد الأسرة أو يسجل أناشيد أو يتلو القرآن.

6- معرض للرسوم: لتشجيع طفلك على الرسم، يمكن أن تحدد موعدًا لإقامة معرض لرسوم أطفال العائلة أو الجيران.. خصص جوائز واعرض أعمال المشتركين واجعله حدثًا أسريًا.

7-  حوض رمل للصغار: املأ حوضًا كبيرًا بالرمل في فناء المنزل، وضع فيه ألعابًا بلاستيكية واترك الأطفال يقضون وقتًا ممتعًا.

8-  الرياضة: شجع أطفالك على ممارسة الرياضة، ويمكنك ممارستها معهم.. امش، العب كرة السلة أو الطائرة.

9-  تعرف على معالم المدينة: خصص يومًا في الشهر أو الأسبوع لزيارة مَعْلم من معالم المدينة التي تسكنها: متحف، سوق قديم، حديقة، مكتبة.. وخطط للرحلة.

10- يوم للصدقة: خصص يومًا لأطفالك في الشهر أو الفصل للتخلص من الزائد من الملابس والألعاب.. واجمعها للصدقة، واجعل طفلك يشارك في الجمع والترتيب.

11- عَوّد طفلك استخدام الموسوعات والمعاجم: إذا مرت على الطفل أي لفظة غريبة أو سألك عن معلومة.. لا تقدم له كل شيء، شجعه على البحث عنها وشاركه ذلك.

12- عوّد طفلك على كتابة مذكراته: يكتب الطفل في دفتر صغير أهم ما حدث له في يومه، ويدون التاريخ والشهر والسنة، ويمكن أن يزينه برسوم، ويساعد هذا على أن يتعود الطفل التفكير في يومه، وتحديد مشاعره، والتنفيس عنها بطريقة إيجابية.

ستجد أفكارًا كثيرة يمكن تنفيذها مع أطفالك، وتقضي أجمل الأوقات معهم، أوقات تحفر في ذاكرتكم جميعا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة الأسرة ( العدد 152 ـ 153 )

www.islamweb.net