مستقبل "إسرائيل" المظلم!

25/01/2007| إسلام ويب

لأول مرة في حياتي أستعير عنوان مقال لكاتب آخر، لكنني بعد تفكير قررت أن أنقل لقرائي الكرام أهم ما جاء في مقال الكاتب الأمريكي جوناثان كوك، وأستعير عنوان المقال حرصاً على الأمانة الصحفية والنزاهة المهنية .

والكاتب هو مؤلف كتاب «الدم والدين» الذي نشر في العام الماضي والذي يتناول فيه السياسات الإسرائيلية منذ فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية .

يتوقع هذا الكاتب أن يزيد عدد الفلسطينيين على عدد اليهود، وأن "إسرائيل" ستطبق في مواجهة الفلسطينيين سياسات عنصرية تجعلها تواجه مصيراً يشبه مصير جنوب إفريقيا، حيث تمارس الأقلية اليهودية سياسات الاضطهاد والقمع ضد الأغلبية الفلسطينية، وهذا الكاتب مؤيد ل"إسرائيل"، وهو الذي اقترح فكرة إنشاء الجدار العازل، كما أنه قدم في كتابه مجموعة مقترحات منها إنشاء دولة فلسطينية تتكون من مجموعة من الجيتوهات المنعزلة حتى يصعب على الفلسطينيين تجميع قواهم لمواجهة الجيش الإسرائيلي الذي يستطيع أن يتدخل في أي وقت لضرب المقاومة الفلسطينية، وتطبيق إجراءات صارمة تمنع زواج الفلسطينيين المقيمين داخل "إسرائيل" من الضفة الغربية وغزة .

التطهير العرقي

يقول هذا الكاتب إنه لم يتوقع أن تتحقق تنبؤاته بهذا الشكل السريع، حيث تم تعيين ليبرمان نائباً لرئيس وزراء "إسرائيل" وهو رئيس حزب تقوم فلسفته على التطهير العرقي للفلسطينيين داخل "إسرائيل" وفي الضفة وغزة، حيث يرى أن يتم طرد الفلسطينيين من المناطق التي توجد بها مستوطنات إسرائيلية، وليبرمان أصبح يحتل موقعاً يستطيع فيه أن يحدد الأجندة العامة ل"إسرائيل" خلال السنوات القادمة، ومن المؤكد أنه سيضع مشكلة وجود الفلسطينيين داخل "إسرائيل" على رأس الأولويات .

كما يتوقع الكاتب أن يصبح ليبرمان رئيساً لوزراء "إسرائيل" خلال السنوات القليلة القادمة، ويرى أن عنصريته لا تقل عن عنصرية مائير كاهانا، وهو يخطط لتكون "إسرائيل" نقية عرقياً وخالصة لليهود بطرد 2.1 مليون فلسطيني يتمتعون بالمواطنة داخل "إسرائيل" منذ عام 1948 .

وهذه الاقتراحات تعبر عن المزاج العام للشعب الإسرائيلي، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن ثلثي الشعب الإسرائيلي يؤيدون الترانسفير طوعاً أو كرهاً .

عنصرية بلا حدود !!

يوضح استطلاع أخير أن معدل العنصرية داخل "إسرائيل" قد ارتفع بشكل كبير حيث إن 68% من اليهود لا يرغبون في العيش بجوار مواطن فلسطيني، وأن 46% من اليهود لا يريدون أن يروا عربياً يزور "إسرائيل" .

يشير استطلاع آخر أجرى على الشباب في "إسرائيل" خلال الأسبوع الماضي إلى أن المشاعر العنصرية أقوى بين الشباب اليهودي الذي يكن مشاعر احتقار وعداء للفلسطينيين، لذلك فإن الشباب اليهودي أصبح متطرفاً في عنصريته تجاه العرب .

وليبرمان يركب موجة العنصرية التي تتزايد بشكل كبير داخل الشعب اليهودي، ومعظم الوزراء الإسرائيليين أصبحوا يتبنون رؤيته للمستقبل .

يرى جوناثان كوك أن هناك الكثير من المؤشرات على أن حكومة أولمرت سوف تقوم بتنفيذ سياسات ليبرمان.. من هذه المؤشرات قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير بيوت الفلسطينيين داخل القرى البدوية لإجبار 70 ألفاً من بدو فلسطين على الرحيل .

وهناك قانون الولاء الذي أصبح معداً للتنفيذ الذي يربط المواطنة بالولاء للدولة اليهودية، ويحرم أي شخص يقوم بأي عمل يشكل انتهاكاً للولاء ل"إسرائيل" من الإقامة فيها، وهذا يشكل نزعاً لصفة الليبرالية من الدولة، وقد عبر عن ذلك ليبرمان في زيارته لواشنطن حيث قال لزعماء اليهود في أمريكا إن من لا يعترف بيهودية الدولة وصهيونيتها لا يمكن إن يكون مواطناً فيها .

ويحدد المشروع مظاهر عدم الولاء للدولة في زيارة دولة معادية، وهو ما يمكن أن ينطبق على أية دولة عربية، وهذا القانون سوف يطبق على الكثير من عرب 48 ويؤدي إلى طردهم .

طرد عرب الضفة

لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك الحد، فهناك مؤشرات على أن إجراءات الطرد والترحيل والنفي ستشمل عرب الضفة الغربية، حيث قال ايفي ايتمان وزير شؤون مجلس الوزراء في الحكومة الإسرائيلية إن الأغلبية العظمى من عرب الضفة الغربية يجب ترحيلهم .

يتوقع الكاتب أنه بعد أن تكمل "إسرائيل" الجدار العازل ستقوم بتطبيق قانون الولاء لتمنع أي شخص فلسطيني من زيارة الضفة الغربية أو تحرمه من حق المواطنة، وبذلك ستقوم بمنع أي اتصال بين الفلسطينيين .

انتهى مقال الكاتب الأمريكي المتعصب ل"إسرائيل" جوناثان كوك، دون أن يكمل تنبؤاته، ودون أن يوضح لماذا يرى أن مستقبل "إسرائيل" سيكون مظلماً كما جاء في عنوان المقال .

لكنني قررت أن أكمل مقال هذا الكاتب وأجيب عن السؤال، وأوضح أن مستقبل "إسرائيل" سيكون أشد سواداً مما يتصور جوناثان كوك، فـ"إسرائيل" تواجه بالفعل خطر المد الديمقراطي الفلسطيني وهي تشعر بتهديد هذا المد، وبرغم كل المؤامرات فإن هذا المد يتزايد .

وفي الوقت نفسه تتزايد المشاعر العنصرية لدى الشعب اليهودي، وهذه المشاعر تتحول إلى ضغوط على الحكومة التي تحولها إلى سياسات للتطهير العرقي .

والعنصرية كانت السبب الرئيس طوال التاريخ في انهيار الدول والحضارات، وذلك أنها تهدد بانهيار الدولة من داخلها .

ومن المؤكد أن "إسرائيل" سوف تلجأ تحت قيادة ليبرمان إلى عملية تهجير واسعة للفلسطينيين وتدمير لبيوتهم وأراضيهم .

سياسة التطهير العرقي والإبادة والتهجير والنفي التي ستنفذها "إسرائيل" خلال السنوات القادمة سوف تنهي كل احتمالات السلام، وستشكل ضربة موجعة للعرب الذين يعتبرون السلام خياراً استراتيجياً .

هذه السياسة سوف تجعل المقاومة هي الحل الوحيد أمام شعب فلسطين، ولذلك ستشتعل الانتفاضة الفلسطينية الشاملة ضد إسرائيل، وسيتزايد نفوذ حركات المقاومة الفلسطينية خاصة حماس والجهاد .

لقد تعرض شعب فلسطين للكثير من المذابح لكنه تعلم من تجربة التاريخ أن يموت فوق أرضه، وأن يحمي وجوده بدماء شهدائه، وفي مواجهة عنصرية "إسرائيل" سيزداد تلاحم الشعب الفلسطيني وتماسكه وإبداعه في المقاومة وإصراره على تحرير أرضه، لذلك فإن المقاومة ستتصاعد وستطور أساليبها، وستكسب تأييداً واسعاً من شعب فلسطين ومن الأمة الإسلامية كلها .

أما التطور الذي سيؤدي إلى تغيير جذري في الواقع الراهن فهو انتصار المقاومة العراقية، وهزيمة القوات الأمريكية، وقد أصبح هذا مسألة وقت وصبر ساعة .

لقد أصبح المزاج الأمريكي معادياً لاستمرار الوجود الأمريكي في العراق، وسوف يرغم الشعب الأمريكي الإدارة خلال العامين القادمين على سحب القوات الأمريكية من العراق .

سيؤدي ذلك بالتأكيد إلى انهيار نظم الحكم العربية التابعة لأمريكا، وهي التي تحمي "إسرائيل"، وهذا سيؤدي إلى انتفاضة عربية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقلال الشامل وتحرير فلسطين .

عندئذ سوف تغرق إسرائيل في المحيط البشري العربي والإسلامي الذي يشهد مداً ديموجرافياً لم تنجح المخططات الأمريكية في الحد منه .

وإسرائيل سوف تتعرض لحصار شامل لا يقل عن ذلك الحصار الذي فرضته أمريكا وإسرائيل والنظم الغربية والعربية على شعب فلسطين، واليهود لا يصبرون على الجوع ولا يطيقون الحرمان ولذلك فلن يستطيعوا أن يصمدوا كما يفعل الآن شعب فلسطين، وسيكون الحل الوحيد بالنسبة لهم هو الرحيل إلى أمريكا وأوروبا مرة أخرى .

المخطط الإسرائيلي يهدف إلى ترحيل الفلسطينيين وإبعادهم ونفيهم وتهجيرهم قسراً وإبادتهم، لكن هذا المخطط سينهار على رؤوس صانعيه، وسيجد اليهود أنفسهم في مواجهة واقع جديد يختلف عن ذلك الواقع الذي رسمه خيال المتطرفين اليهود الذين يكرهون البشر .

وأهم سمات هذا الواقع الجديد أن الأمة الإسلامية سوف تنهض وتقاوم وتحرر العراق وفلسطين، وأن أمريكا ستضطر إلى الهروب من المنطقة، وسوف يتبعها اليهود .

سيرابط الفلسطينيون على أرضهم يدافعون عنها ويموتون فوقها، أما اليهود فليس أمامهم سوى الرحيل بعنصريتهم وصلفهم وغرورهم فهم مجرد لصوص لا تعرفهم أرض فلسطين ولا يعرفونها .

إن بقاء اليهود على أرض فلسطين يرتبط بالطاغوت الأمريكي والاستبداد العربي، ولقد أوشك الطاغوت الأمريكي أن يرحل مهزوماً، وسيتبعه المستبدون العرب وعندئذ من المؤكد أن "إسرائيل" ستنهار، ولن يجد اليهود أمامهم سوى الفرار بجلودهم السميكة ورقابهم الغليظة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرق القطرية

www.islamweb.net