الشبكة الإسلامية تحاور الشيخ رائد صلاح

15/04/2002| إسلام ويب

الشيخ رائد صلاح - رئيس الحركة الإسلامية لعرب 48 :
* الصحوة الإسلامية صححت فهم الكثيرين للقضية الفلسطينية
* لسنا أقلية إسلامية ، وإيماننا بذلك فوق خطط التقسيم الصهيونية .
* الانتفاضة خلقت مفاصلة تامة بيننا وبين المجتمع الصهيوني بكل فصائله .
* كثير من منفذي العمليات الاستشهادية أفراد عاديون لا ينتمون لحركة إسلامية , ولكنهم ضجوا من ممارسات الاحتلال
* مؤسسة الأقصي تجتهد للحفاظ علي المقدسات الإسلامية ، والحيلولة دون انتهاك العدو لحرمة المساجد .
* قلة إمكانات الانتفاضة لا تعني عدم استمرارها، والذين يظنون غير ذلك واهمون .
* "المجتمع العصامي" مشروع الحركة الإسلامية للتغلب علي مخططات التهويد، وتغطية الاحتياجات اليومية لعرب 48
.........................
عرب 48 .. هذا هو المصطلح الذي يطلقه عليهم الإعلام العربي أما الإعلام الغربي فيسميهم عرب إسرائيل فأما هم فيعتبرون أنفسهم جزءًا لا يتجزأ من الأمة الإسلامية والعربية والفلسطينية ، وأيا كانت الأسماء التي يختلف عليها البعض فهناك واقع لا يمكن إنكاره هو أنهم مسلمون عرب فلسطينيون يحملون جنسية من يحتل أرضهم ويحكمون بقانونه, وهذه هي ذروة المأساة التي يتولد عنها العديد من المشاكل والقضايا التي يواجهونها, والتي يحدثنا عنها الشيخ رائد صلاح - رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 - وعن قضايا أخري ترتبط من قريب أو بعيد بالمسألة الأم (القضية الفلسطينية).

مصطلح "عرب 48" ماذا يعني ؟ وما أهم مشكلات عرب ما بعد الاحتلال ?
- في ظل نكبة 84 تم تقسيم الفلسطينيين إلي منطقتين: الأولي وتشمل: الخليل والمثلث والنقب والساحل, والتي نزعت من فلسطين وأقيم عليها المشروع الصهيوني وتم طرد 800000فلسطيني منها، وبقي 160000, وصار عددهم اليوم مليونا وثلاثمائة ألف داخل الكيان الصهيوني.

الثانية: الضفة والقطاع وغزة والقدس , وهي المناطق التي احتلت بعد هزيمة 1967.

ومن الواضح أن كل المفاوضات علي المسار الفلسطيني - الإسرائيلي تدور حول ما يخص فلسطينيي 67, وهناك تجاهل تام لفلسطينيي 48 ومشاكلهم, إذ يعتبرهم الكيان الصهيوني تابعين له، في حين أن فلسطينيي 67 تابعون للسلطة الفلسطينية.

ونحن لدينا من المشكلات ما لا يحل إلا بالضغط علي الكيان مثل: مشكلة الوقف الإسلامي الذي يمثل 1 علي 16 من الأراضي المحتلة عام 48 (20 مليونا و500000 دونم) تقع تحت سيطرة حكومة الكيان, بل وتعرضها للبيع في المزاد العلني.

كذلك مشكلة السجناء السياسيين من فلسطينيي 48 الذين سجنوا علي خلفية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ، ولدى بعضهم أكثر من مؤبد, وبالرغم من ذلك لا يجري الحديث حولهم إطلاقا, وهناك مشكلة اللاجئين الذين يقدرون بحوالي 300 ألف فلسطيني داخل الكيان، كانوا قد فروا من قراهم إلي قري مجاورة بعد نكبة 48 وبعدها صدر قرار بأن من كان خارج داره أو قريته وقت النكبة لا يسمح له بالعودة إليها, فهؤلاء ديارهم موجودة، وليست في الضفة أو القطاع, بل داخل المنطقة المحتلة عام 48, ولكن لا يسمح لهم بالعودة إليها وإلي ممتلكاتهم.

نحن الأصل
هل نشأت الحركة الإسلامية لعرب 48 كتيار معبر عن أقلية ما داخل دولة إسرائيل ،أم كحركة مقاومة لاحتلال واقع علي أرضها?
- نحن نعمل في إطار الحركة الإسلامية لفلسطينيي 48 ومن خلال هذه الحركة نسعي إلي تعميق قيم الإسلام في نفوس المسلمين, ثم خدمة الجماهير الفلسطينية ـ بغض النظر عن تعدداتها الدينية والسياسية ـ ونهتم بشكل خاص بقضية القدس الشريف والأقصي المبارك ، مع إصرارنا الأبدي أننا جزء من شعب فلسطين والعالم العربي والأمة الإسلامية, ولا ننظر لأ نفسنا كأقلية تشبه الأقليات المسلمة الموجودة في أوروبا أو غيرها; لأن تلك الأقليات هي أقليات مهاجرة وجاليات , أما نحن فأصحاب أرض شرعيون , والمجتمع الصهيوني هو الدخيل علينا وحل علي أرضنا بقوة السلاح والمؤامرات ، وليس بقوة الحق , ومن هنا فإن كنا في الظرف الراهن أقلية من ناحية العدد إلا أننا واثقون بأننا الأصل .

هل تأثرتم سلبا بالعيش داخل المجتمع الصهيوني?
- أقولها بصراحة : لقد عشنا مرحلتين ; الأولي كنا علي حافة الذوبان في هذا المجتمع بشكل شبه كلي , وكان ذلك في فترة فقدان الهوية وفقدان الشخصية ذات الأبعاد المتكاملة التي تجمع بين الأصالة العقدية والارتباط القومي والوطني , وكان ذلك نابعا من جهلنا بالإسلام وحقيقة الشخصية الإسلامية, ولكن ذلك ذهب إلي غير رجعة بعد مجيء المرحلة الثانية التي أكرمنا الله فيها بالصحوة الإسلامية المباركة مع بداية السبعينيات , حيث بدأت في داخل كل منا مرحلة العودة إلي الذات وإلي الهوية الإسلامية ، وشعورنا الحي والقوي بأننا لسنا أعدادا هامشية لا أصل لها, وهذه الصحوة كانت المنقذ لناـ بفضل الله ـ من مخاطر الذوبان في المجتمع الصهيوني ، وأنقذت قيمنا ولغتنا العربية وبيوتنا وسلوكياتنا.

معني هذا أن القضية الفلسطينية لم تتضح معالمها في وجدان الشعب الفلسطيني إلا من خلال الصحوة الإسلامية ?
- هنا أؤكد أن الشخصية الإسلامية الواعية ـ والمحيطة بكل أبعادهاـ كانت موجودة من قبل نكبة فلسطين عام 1948، وأبسط شاهد علي ذلك أن فلسطين كانت تضم صفوة علماء المسلمين في أرض الشام أمثال الشيخ القسام، وفرحان السعدي ، وعبد القادر الحسيني وغيرهم,
ولعل أبشع صور نكبة فلسطين أن المجتمع الفلسطيني ضرب في قيادته الإسلامية, حيث تم سلب الأرض وهدم البيوت والمساجد وقتل عشرات الآلاف وترحيل أكثر من 800000 فلسطيني, وقتل العلماء وترحيل من بقي منهم, ومن ثم فقد عشنا بعد النكبة ـ وحتي السبعينيات ـ في غيبوبة محزنة, حيث لم يكن لدينا أية مرجعية إسلامية, فمن المؤكد أن فهم القضية الفلسطينية من خلال الرؤية الإسلامية هو الفهم الأقوي الذي أعتز به, وبدون هذه الرؤية يبقي فهم الإنسان لهذه القضية جزئيا ومعيبا.

ما الوسائل التي يمارسها الكيان الصهيوني من أجل القضاء علي هويتكم الإسلامية والفلسطينية, وما الذي قمتم به لصد هذه الهجمة?
- يجب أن ندرك أننا عندما نتحدث عن هذا الكيان فنحن نتحدث عن مؤسسة دولة بين يديها الإمكانات القوية والكثيرة, ولذلك فهي تسعي إلي تذويب الهوية الإسلامية الفلسطينية من خلال مصادرة أرضنا, مما يعني التضييق علي مستقبلنا, وكذلك هدم البيوت مما يعني التقليل من فرصة تزايدنا العددي الطبيعي, وكذلك التحكم بجهاز التربية والتعليم وتحويله إلي أداة سيطرة علينا, وهذا واضح من سياسة التعيينات والمناهج الدراسية, وكل هذه الممارسات مجتمعة تشكل ضغطا ثقيلا علينا، يتهدد مستقبلنا وقدرتنا علي التماسك فيما بيننا كأفراد مجتمع له تاريخه وحاضره وامتداده الإسلامي العربي, ولمواجهة كل هذه المخاطر بدأت الحركة الإسلامية تطرح مشروع "المجتمع العصامي" بإقامة المشروعات وعشرات المؤسسات والجمعيات ذات الأهداف المختلفة التي تهتم بشئون الأمومة والطفولة والتعليم والصحة والاقتصاد وخدمة المقدسات وإقامة المدارس الأهلية والكليات, أي بناء سقف يغطي كل الخدمات المطلوبة يوميا لمجتمعنا في أرض 48.

مفاصلة تامة
كيف تصف العلاقة بينكم وبين المجتمع الصهيوني?
- علي مستوي الحكومة: فإنها تتحدث معنا رسميا بلغة قانون الاحتلال , أما عمليا: فنحن نعامل معاملة بقية الشعب الفلسطيني المحتل ، من حيث مصادرة الأراضي والمقدسات وهدم البيوت وقضايا اللاجئين والسجناء السياسيين,
أما علي مستوي الأفراد: فأنا أؤكد أنه كانت هناك مفاصلة واضحة في كثير من مناحي الحياة, وظلت في ازدياد حتي جاءت الانتفاضة فأصبحت المفاصلة تامة ـ سواء علي المستوي الشعوري أو في مجالات العمل والتجارة وغيرها ـ ويتساوي في ذلك اليمين واليسار الصهيوني ؛ فهما شريكان في المشروع الصهيوني, ومتحدان علي ثوابته التي تتمثل في وحدة القدس كعاصمة لإسرائيل وعدم عودة اللاجئين وغيرها.

ويمكننا أن نري تلك المفاصلة فيما يحدث من اعتداءات من اليهود يوميا علي الفلسطينيين في المدن ذات الأغلبية اليهودية, وكان أشهر هذه الحوادث الاعتداء علي مسجد إحسان بك والمصلين فيه بعد حادث تفجير الملهي الليلي.

هل هناك مدارس خاصة للفلسطينيين تحفظ عليهم هويتهم?
- نعم هناك مدارس رسمية للفلسطينيين , ولكنها تعاني من تدخل مباشر من قبل المؤسسة الإسرائيلية الرسمية, وما نطمع فيه أن نقيم مدارس أهلية متحررة من هذا التدخل , وأقولها مع شديد الأسف : إنه حتي هذه اللحظة لا يوجد هناك ولو مدرسة أهلية إسلامية واحدة , في حين أن هناك بعض المدارس الأهلية المسيحية التي كان لها بدايات قبل النكسة , ونحن بفضل الله نسعي إلي إقامة أكثر من مدرسة أهلية إسلامية لأبنائنا.

هل هناك تيارات أخري داخل فلسطينيي 48 تتفق معكم في رؤيتها للقضية الفلسطينية ، حتي لو اختلفت في المنطلقات وهل يوجد تعاون بينكم في هذا الصدد?
- المجتمع الفلسطيني في حدود 48 هو شريحة من العالم العربي , ولذلك فهو يعيش مظهر تعددية المشارب والأفكار والأحزاب السياسية , ولذلك نجد الاتجاه الوطني والقومي والشيوعي , وهناك الاتجاه الذي يميل إلي الاندماج مع المجتمع الإسرائيلي , وبجانب كل ذلك هناك الاتجاه الإسلامي , وأقولها بلا تردد: كثير من هذه الاتجاهات أصبح هامشيا, وفي الوقت نفسه بات من الواضح لكل عاقل أن الاتجاه الإسلامي هو الأقوي بين كل هذه الاتجاهات, ومع أن هذه التيارات كما قلت تخالفنا في المفاهيم والحلول إلا أننا نجتهد أن نلتقي معها بما يخدم قضايا شعبنا الفلسطيني, ويتمثل هذا الالتقاء في هيئتين هما:
1 - اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية.
2 - لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.
حيث يجري التباحث المشترك حول قضايا مصادرة الأرض وهدم البيوت ومصادرة المقدسات.

كيف تضعون استراتيجيات العمل للحركة في ظل وضعكم داخل الكيان الصهيوني?
- نحن حركة إسلامية لا تعمل في فراغ , لذلك نجتهد بقدر المستطاع في أن نفهم الواقع الذي نعيش وما هي إمكاناتنا وإمكانات غيرنا, وفي ضوء هذا نجتهد في أن نحدد سياسة عملنا ومراحل مسيرة الحركة, ولقد أثبتت التجربة أنه لا خيار لنا إلا السعي إلي إقامة المجتمع العصامي الفلسطيني من خلال المؤسسات الأهلية القائمة علي القيم الإسلامية, وذلك بالجمع بين ما نملك من أرض وخبرات علمية وقوة مالية، والإصرار علي التواصل مع شعبنا الفلسطيني وعالمنا العربي وأمتنا الإسلامية, وبشكل خاص التواصل مع المؤسسات العالمية في العالم الإسلامي والعربي, وهذا ما دعانا إلي أن نطالب بضرورة أن يكون لنا تمثيل في الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي والمؤسسات العالمية مثل: المجلس الإسلامي العالمي, وبنك التنمية الإسلامي وغيرها, ونعتبر أية دعوة للتواصل هي فرصة ذهبية تعيننا علي حل قضايانا, ولكن للأسف نمنع في كثير من الأحيان, فمثلا هناك 30 من أبناء الحركة ممنوعون من الوصول إلي الأردن ، كما كان هناك مؤتمر شعبي لمناصرة القدس, ومؤتمر في نقابة المهندسين ومنعنا من حضورهما, كذلك يمنع بعض الطلبة الذين يرغبون في إكمال دراستهم العليا في موضوعات إسلامية بالأردن, والأبعد من ذلك أن بعض شبابنا الذين تتم مطاردتهم من قبل الأجهزة الأمنية الصهيونية, ويعتقلون ويتم التحقيق معهم يمنعون من دخول الأردن.

مؤسسة الأقصي.. لماذا?
من المعروف أن سيادتكم لست رئيسا للحركة الإسلامية فقط , بل أيضا رئيس مؤسسة الأقصي , فلماذا أنشئت المؤسسة, وما الدور الذي تقوم به والعقبات التي تواجهها?
- ما يزال هناك انتهاك لعشرات المساجد حتي الآن وما تزال هذه المساجد مصادرة , وقد تحولت إلي حانات ومتاحف وحظائر لتربية الأبقار, وما يزال هناك إصرار علي هدم المساجد وتعمد لانتهاك حرمة المقابر وجرفها ونبشها, وما يزال هناك إصرار رهيب علي تهويد القدس وبناء الهيكل,
ومؤسسة الأقصي اجتهدت ـ منذ يومهاالأول ـ لدراسة الواقع المر الذي تعيشه الأوقاف والمقدسات الفلسطينية عامة، كما شرعت في ترميم المساجد المهدمة وتحرير المساجد المنتهكة، ووقف جرائم جرف المقابر, وتوثيق كل أوقافنا ومقدساتنا بالكتابة والصورة الفوتوغرافية وشريط الفيديو, وبادرت بإعداد النشرات المرشدة إلي مواقع الأوقاف والمقدسات لحث الناس علي زيارتها,
ومن المشاريع التي قامت بها المؤسسة: ترميم المصلي المرواني وفتح أبوابه، وإعمار المسجد الأقصي القديم, وترميم وصيانة المسجد الأقصي المبارك من الداخل, وشراء البيوت في بيت المقدس, وخطوط الحافلات للمسجد الأقصي المبارك, وفي الجانب الإعلامي هناك: مهرجان الأقصي, ومسابقة بيت المقدس في خطر, والإصدارات, وعلي رأس كل هذا مشروع مد مياه بئر زمزم إلي المسجد الأقصي لتأكيد وحدة المساجد الثلاثة (المسجد الحرام - المسجد النبوي - المسجد الأقصي).

أما عن المعوقات التي تواجهنا: فهي سيطرة المؤسسات الصهيونية ووضعها العراقيل أمامنا، مثل المحاكم الرسمية التي تمتنع عن بحث ملفات المقدسات الإسلامية, وكذلك البلديات والمستوطنات اليهودية وسلطة الآثار الإسرائيلية وغيرها.

ما تقييمكم للدور العربي والإسلامي في دعم القضية الفلسطينية، خاصة بعد انتفاضة الأقصي الأخيرة?
- الموقف الآن يتراوح بين الدعم الإغاثي والدعم الإعلامي ، وهذا لا يكفي , والمطلوب مرة أخري وضع القضية الفلسطينية في مسارها الصحيح علي اعتبار أنها قضية إسلامية عربية, وليست فلسطينية فقط, وهذا يعني أنه لا يعقل أن يتعامل العالم الإسلامي والعربي معها كأنها قضية غيره, ولذلك يقدم لها المساعدة, فهذا خطأ شنيع وفادح , بل عليه أن يتعامل معها علي اعتبار أنها قضيته من الألف إلي الياء, وهذا يعني أن الدور الإغاثي والدور الإعلامي مهم جدا, ولكنه ليس كل ما عليهم فعله.. حتي في مجال الدعم لم تنفذ كل قرارات الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي.

هل يوجد تنسيق بينكم وبين حركة حماس أو الجهاد الإسلامي ? وهل تعتقدون أن الكيان الصهيوني يخطط لاتهامكم بالمشاركة في العمليات الاستشهادية?
- ليس هناك تنسيق في الجانب العسكري مع حماس والجهاد، وتواصلنا معهما جزء من التواصل العام مع الشعب الفلسطيني ولكني أقول كمراقب للأمورإن ما يحدث من عمليات استشهادية هو رد فعل طبيعي للممارسات الإسرائيلية الظالمة, ولقد ظهر مؤخرا أن هناك أفرادا غير منتمين لأي حركة إسلامية يقدمون العون والمساعدة لمنفذي العمليات العسكرية داخل الأرض المحتلة عام 48, وهذا ثبت رسميا, والكثير منهم معتقل الآن في السجون الإسرائيلية, وبعضهم معتقل منذ عام 1993م.

أما بشأن العمليات الاستشهادية ودورنا فيها: فلا أعتقد أن هناك من يذهب لتفجير نفسه بالاتفاق مع سلطة الكيان ليتآمر علينا, ولكنني أري كما قلت مسبقا: إنها ردود فعل فردية من مواطنين ضاقوا بما يحدث لشعبنا الفلسطيني من ظلم.

ما تصوراتكم لسيناريوهات تطوير الانتفاضة?
- توهم البعض مع بداية مسيرة أوسلو أن بالإمكان الجمع بين الخيارات الصهيونية والفلسطينية، أو بمعني أوضح فرض حسن الجوار بين السلطة والاحتلال, ولكن انتفاضة الأقصي كشفت عن استحالة ذلك; لأن انتفاضة الأقصي أبرزت ـ بشكل واضح ـ أن هناك أصولا في المسيرة الفلسطينية لا يمكن التنازل عنها, وفي الوقت نفسه تعتبرها المؤسسة الصهيونية انتحارا لمشروعها, فمثلا قضية اللاجئين والقدس هما أصلان في القضية الفلسطينية ، لا يمكن لأي شخص أو مؤسسة أن يتنازل عنهما, وفي ذات الوقت هما أمران لا يختلف عليهما أي من الأحزاب الدينية أو السياسية الصهيونية, وعلي رأس الأمور التي يتناقض فيها المساران الفلسطيني والصهيوني بناء الهيكل علي حساب المسجد الأقصي, وأنا أتساءل أمام مثل هذه التقاطعات الصارخة بين المشروع الصهيوني والمسيرة الفلسطينية والحق العربي والإسلامي: كيف نجمع بين كل ذلك? ولو فرضنا جدلا أن انتفاضة الأقصي ـ بأسلوب سحري ماـ قد توقفت فإن قابلية عودتها من جديد تبقي في كل لحظة, وأنا شخصيا أتوقع في نهاية الأمر أن يتسع مدي الصراع بسبب السياسة الدموية للحكومة الصهيونية, ومن ينكر هذا فهو يخدع نفسه, ويتوهم أنه يستطيع إقناع الناس بأن قوات مراقبة دولية أو قوات حفظ سلام دولية ستكون حلا فهو يتعاطي سياسة التخدير وتسكين الأوجاع ليس إلا.

وأود أن أقول: إن هناك مسيرات تحرر كثيرة بدأت من لا شيء, وظن البعض وقتها أن تلك المسيرات لن تسمن ولن تغني من جوع, ولكنها قامت وغيرت مجريات الأحداث والتاريخ, ولذلك حتي لو كان هناك مظاهر ضعف في الإمكانات في الانتفاضة فلا يوجد أي عاقل ، في نظري، يستنتج بناء علي ذلك أنها قصيرة الأمد ولن تحقق أهدافها.

www.islamweb.net