أثر الإعلامي الناجح

26/11/2014| إسلام ويب

المطلوب من الإعلامي المسلم أن يعمل ويجتهد، ويستقصي ويجمع، ويعمل ذاكرته وقدراته بحدها الأقصى، والمطلوب منه.. والمطلوب منه.. فما هي الثمرة المرجوة بعد هذه المطلوبات؟

إن الأثر الذي يتركه الإعلامي الناجح لا يمكن قياسه بالقلم والورقة، ولا بأعداد المتأثرين بخطابه، فلكل إعلامي ناجح جمهور أثّر فيه، ولكل إعلامي ناجح حدث كان فيه ناجحاً مع وجود إمكانية لفشله في غيره، وتبعاً لهذا الاختلاف أقول: إن الأثر المتحقق لأداء ناجح لإعلامي ناجح يمكن قياسه من وجهين:
الأول: وهي المقاييس الجزئية، أو الآثار المرحلية، أو جوانب الاستجابة الموضعية.
فمثلاً هناك خطيب ناجح، أثمرت جهوده الخطابية في مسجد الحي الذي يؤمه هو إلى توجه أهل الحي لأداء العبادات بشكل ملفت، فهذا نجاح حقيقي، والأثر المترتب عليه كان في حدود انتشار خطاب هذا الإعلامي.

أو فلنقل إن فتنة ما حصلت، وتداعى الناس أو جموع منهم إلى هذه الفتنة، فقام أحد القادة البارزين في المجتمع أو صاحب مسؤولية اعتبارية فيهم بخطاب هذه الجموع بضرورة احترام حق الإنسان في الحياة أو حقه في التعبير عن رأيه أو ما سواها من قضايا، واستجابت الجموع لخطابه، فهذا الخطاب قد تم توجيهه لفئة ما بعينها، وحصلت الاستجابة لمتطلباته، فهذا نجاح إعلامي لهذا الشخص، وأثره الموضعي وأد الفتنة.

مثال آخر.. أحد مقدمي البرامج الإذاعية في إذاعة واسعة الانتشار على مستوى إقليمي جعل من برنامجه لغة تواصل بناء، وأحدث حالة من الترابط أثمرت عن ظواهر إيجابية في تعاطي الشعوب المجاورة مع شعبنا عند وجود أزمة ما، فعمل هذا الإعلامي المبدع من خلال تراكم جهوده ووضوح الرؤية عنده حقق أثراً فعلياًّ في تحريك جزء كبير من قطاعات منطقة ما، أو إقليم معين تجاه فكرته التي دعا إليها.

ما سقته هنا من الأمثلة يمثل صورة مجزوءة للأثر الفعلي الذي قد يتركه الإعلامي الناجح على القطاعات والمستويات التي يخاطبها، ولو استفضت في هذا الجانب لاسترسلت في ذكر شواهد لا أول لها ولا آخر، ولكن ما تم ذكره هنا للتدليل فقط.

والثاني: وهو الأثر العام هو ما يسعى أي إعلامي كل جهده للوصول إليه، لا أقول الإعلامي المهني الذي يتعاطى أجره من مؤسسات الإعلام لأدائه، وإنما ذاك الإعلامي صاحب الفكرة، مهما كان نوعها، وفي أي نهر صبت.

وللتحديد.. فإن الأثر الشمولي للإعلامي الناجح يكون في تحقق قدرته على إقناع الرأي العام بما يدعو إليه من فكر، ولما يحمله من مبدأ، ووجود الدلائل والمؤشرات الملموسة "وقياسها النسبي" على تحوّل رأي المجتمع المحلي أو الرأي العام العالمي تجاه ما يدعو إليه هذا الإعلامي.

وللإعلامي المسلم، فإن الثمرة التي يجنيها بعد بذله كل هذه الجهود والطاقات ليكون ناجحاً هو مرضاة الله تعالى، ومن ثم، انتصاره لدين الحق السماوي، وتوسع قبول الرأي العام بالنظرة الإسلامية للكون والإنسان والحياة، وهذا أثر ما بعده أثر..

www.islamweb.net