غريب الحديث في أحاديث الصيام 2-2

18/09/2016| إسلام ويب

في أحاديث الصيام ألفاظ تندرج ضمن غريب الحديث النبوي، تحتاج إلى بيان معانيها، ورد تلك الألفاظ إلى أصولها اللغوية؛ ليتضح المراد من الحديث النبوي، ويُفهم على وجهه الصحيح، فإن الجمل لا تفهم إلا بفهم معاني مفرداتها وألفاظها على وفق المشهور من كلام العرب، وهذه بعض الألفاظ الغريبة في أحاديث الصيام.

قَتَرَة: في صحيح ابن حبان عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال :«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإنْ حال بينكم وبينه غَبَرَةٌ سحاب أو قَتَرَةٌ فأكملوا العدة ثلاثين » إسناده حسن.

قال الخطابي: والقتَرةُ: الغَبَرَةُ في الهواء الحائلة بين الأبصار وبين رؤية الهلال.

فإن غُمَّ عليكم فاقدُرُوْا له: في الصحيحين واللفظ لمسلم عن ابن عمر - رضى الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له ».
غُمَّ عليكم: أي ستره الغمام، كما قال الحافظ ابن حجر.

فاقدُرُوْا له: قال أهل اللغة: يقال قدرت الشيء أقدره وأقدره وقدرته وأقدرته بمعنى واحد وهو من التقدير، قال النووي: واختلف العلماء في معنى ( فاقدُرُوْا له ) فقالت طائفة من العلماء : معناه ضيقوا له وقدروه تحت السحاب ، وممن قال بهذا أحمد بن حنبل وغيره ممن يُجَوِّزُ صوم يوم ليلة الغيم عن رمضان ، وقال ابن سريج وجماعة - منهم : مطرف بن عبد الله، وابن قتيبة وآخرون - : معناه: قدروه بحساب المنازل ، وذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور السلف والخلف إلى أن معناه : قدروا له تمام العدد ثلاثين يوما، أي: اجعلوا عدة شعبان ثلاثين، قال النووي أيضا: معناه : أن الشهر مقطوع بأن لابد أن يكون تسعا وعشرين، فإن ظهر الهلال وإلا فيطلب أعلى العدد الذى هو ثلاثون ، وهو نهاية عدده.
وقول من قال: قدروه بالمنازل والحساب ، استبعده ابن بطال ، والحافظ، وغيرهما ؛ لأن الرواية الأخرى المفسِّرة تدل على أن المعنى الذي قاله الجمهور هو الصواب، « فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العِدَّة ثلاثين ».

لَأَهَلَّاْ الْهِلَال: في سنن  أبي داود -بإسناد صحيح- عن ربعي بن حراش: عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه و سلم- قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي -صلى الله عليه و سلم- بالله لَأَهَلَّاْ الْهِلَال أمسِ عَشِيَّةً « فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس أن يفطروا زاد خلف في حديثه: وأن يغدوا إلى مصلاهم ».

أَهَلَّاْ الْهِلَال: أي رأياه، قال وسمي الهلالُ هلالاً، لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه.

يَسْتَطِيْر: في صحيح مسلم عن عبد الله بن سوادة القشيري عن أبيه قال سمعت سمرة بن جندب يخطب وهو يقول: قال رسول الله
-صلى الله عليه و سلم-: «لا يَغُرَّنَّ أحدَكم نداءُ بلال من السحور ولا هذا البياضُ حتى يَسْتَطِيْر».
يستطير: معناه يعترض في الأفق وينتشر ضوؤه.

لا يَهِيْدَنَّكم: عند الترمذي وأبي داود و ابن خزيمة وغيرهم عن قيس بن طلق عن أبيه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « كلوا واشربوا ولا يَهِيْدَنَّكم الساطع الْمُصْعِدُ فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر»
لا يهيدنكم: أصل الهِيْد الحركة، هاده الشيء هَيْدا وهادا أفزعه وكَرَبه، تقول ما يهيدني ذلك أي ما يزعجني وما أكترث له ولا أباليه، ومعنى الحديث أي: لا تنزعجوا للفجر المستطيل فتمتنعوا به عن السحور فإنه الصبح الكذاب.

فَاجْدَحْ لنا: في الصحيحين عن عبد الله بن أبى أوفى يقول: سرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم فلما غربت الشمس قال « يا بلال انزل فَاجْدَحْ لنا ». قال: يا رسول الله لو أمسيت. قال « انزل فَاجْدَحْ لنا ». قال: يا رسول الله إن عليك نهارا. قال:
« انزل فَاجْدَحْ لنا ». فنزل فَجَدَحَ فشرب رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال « إذا رأيتم الليل قد أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم ». وأشار بأصبعه قبل المشرق.

قال الحافظ ابن حجر: الجَدْحُ تحريك السَّوِيق ونحوه ليذوب في الماء، ويَجْدَحُ بعود يقال له المِجْدَح مُجَنَّح الرأس.
وقال صاحب ( العين ): المِجْدَح : خشبة فى رأسها خشبتان معترضتان .
ومنه قول عمر كما عند البيهقي وغيره مرسلا: « لقد استسقيتُ بِمَجَادِيْح السماء » حين استسقى فلم يزد على الاستغفار.
والمجاديح: كواكب ثلاثية الشكل كالمِجْدَح، كان المشركون يستمطرون بها، فعرَّض عمر بإبطالها، وأن الاستغفار هو الذي يستمطر به لا بالأَنْوَاء.

www.islamweb.net