الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جميع محاولاتي عن العمل باءت بالفشل.. فماذا علي أن أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي منذ يوم تخرجي، لا أستطيع مساعدة نفسي، تخرجت بمعدل امتياز، كنت أدرس وأجتهد كثيرا في حياتي، منذ أن كنت طفلة، كنت أحرص على تحصيل العلم، مررت بكثير من العقبات، الفقر، والإهانة، تحملت الكثير، تحديت نفسي وكل من عاملني بسوء.

نجحت في الثانوية العامة بمعدل (84.3)، عندما تخرجت كان علي قسط جامعي صغير جدا لم أستطع تسديده؛ لذلك شهادتي محجوزة لدى الجامعة، لم أترك مؤسسة أو أي شخص إلا وتوجهت إليه من باب السعي والأخذ بالأسباب إلا أنني في كل مرة أفشل، وحتى لو اقتربت من الحصول على المبلغ، فالأمر ينتهي ولا أستطيع تجميعه لأخرج شهادتي من الجامعة، ودعوت الله كثيرا، ولكن أشعر أن دعائي لا يستجاب، أشعر أن هناك شيئا يمنع استجابة دعائي، في كل عام يكون تقديم امتحان في تخصصي لوظائف حكومية أنجح في الاختبار ولكن يفصل بيني وبين مفتاح القبول درجة أو ثلاث.

وفي آخر مرة تواصلت معي الجامعة من أجل منحة قبل شهور، لكن بعد شهرين اكتشفت أن المؤسسة لم ترسل تمويل للجامعة، وقدمت الاختبار وأيضا فصل بين نجاحي والمحك درجتان، مشكلتي أنني جزعت، وقلت كلاما لا ينبغي أن أتفوه به مثلا: أن الله يكرهني ولا يحبني، ولماذا أنا كتب علي أن أعاني، شعرت بأنني كنت أسخط على أقدار الله، وقلت لماذا أنا لا أستطيع أن أصل لحلمي؟ ولماذا يمنعني الله، ولماذا يعطي ناسا غير محتاجة وهو أعلم بأني بحاجة ماسة لأي عمل.

مع العلم أن وضعي المادي سيء، فأنا فقيرة جدا منذ صغري، عانيت من الفقر والحاجة والعوز، كان الجميع ينظر لي بعين الشفقة، فهل خرجت من الملة؟ وكيف أتوب إلى الله؟ أنا لم أقصد ولكن لم أتحمل الصدمة بأني رسبت، كانت ثقيلة على قلبي، وسؤال آخر: هل أكمل المحاولات أم أتوقف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وإنما شفاء العيِّ السؤال، ونسأل الله أن يهديك لحسن الأدب في التعامل مع الكبير المتعال، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

نبشّرُك بنتنا الفاضلة أن الله توّاب، بل ما سمَّى نفسه توّابا إلَّا ليتوب علينا، ولا سمَّى نفسه غفورا إلَّا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وقال: {والله يريد أن يتوب عليكم}، وأمرنا بالتوبة فقال: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}، وقال: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا عسى ربكم أن يكفّر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات}.

فعجّلي بالتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وتجنّبي استخدام الألفاظ التي تدلُّ على التسخُّط وعدم الرضا بقضاء الله وقدره، لأن أمر الله نافذ، فمن رضيَ فله الرضا، ومن سخط فعليه السُّخط. واستعيني بالله تبارك وتعالى، ولا تتوقفي في المحاولات، وتوجّهي إلى رب الأرض والسماوات، واعلمي أن الله قد أنعم عليك بنعمٍ كثيرة، فأنت متفوقة، وملايين يُحرمون من هذا التفوّق، حتى لا يصلوا إلى الدرجة التي يحاولون فيها أو يُفكّرون فيها، فاحمدي الله تبارك وتعالى على ما عندك من النِّعم.

وتعرّفي على نعم الله، وأعتقد منها العافية ومنها هذا النجاح، ومنها القدرة على التواصل مع موقعك وكتابة استشارات، وبيان ما في نفسك، هذه أشياء ملايين من البشر محرومون من معظمها، فنسأل الله أن يجعلنا وإيَّاكِ ممَّن يتعرَّف على نعم الله تعالى عليه ثم يُؤدّي شُكرها، وأن يجعلنا جميعًا ممَّن إنْ إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر.

الأمر - كما قلنا - يحتاج منك إلى توبة، والله تبارك وتعالى {غفّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى}، و(التوبة تجبُّ ما قبلها)، و(التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وننصحك بسرعة التوبة والرجوع واغتنام شهر المغفرة والعتق من النار - هذا الشهر الفضيل - في الرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وثقي بأن ما يُقدّره الله لك أفضل ممّا يتمنَّاه الإنسان لنفسه، قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار)، وقال عمر الفاروق: (لو كُشف الحجاب ما تمنَّى أصحاب البلاء إلَّا ما قُدّرَ لهم).

إذًا خير ما نوصي به قول النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز). فاستعيني بالله، وكرري المحاولات، وتوجّهي إلى رب الأرض والسماوات، وأسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يُلهمك السداد والرشاد.

إذًا التوبة، والرجوع إلى الله، والاستغفار من هذا الذي حصل، والرضا بقضاء الله وقدره، حُسن التوكل بفعل الأسباب، الرضا بما يقدره الله تعالى، ونكرر دعوتنا لك بالاستمرار في المحاولات، وإقامة الدراسات والتواصل مع أهل الخبرة من الأساتذة والمعلمات، ونسأل الله أن يوفقك وأن يرفعك عنده درجات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن



مواقيت الصلاة

حسب التوقيت المحلي لدولة قطر دولة أخرى؟
  • الفجر
    03:49 AM
  • الظهر
    11:34 AM
  • العصر
    03:03 PM
  • المغرب
    05:57 PM
  • العشاء
    07:27 PM