الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ربطت كل ما أقوم به بالناس وهذا سبب لي حرجًا في حياتي!

السؤال

السلام عيكم

سأطرح مشكلتي عسى أن أجد العلاج الشافي عندكم.

أنا فتاة في 18 من عمري، ومشكلتي هي أنني أخجل كثيرًا من التحدث، ودائمًا ما أحس أن كلامي تافه ولا قيمة له؛ لذا لا أتكلم كثيرًا، ومن يجلس معي يملّ مني بسرعة، لا أستطيع طرح أفكاري وآرائي.

دائمًا ما أفكر في نظرة الناس لي، وما الذي سيقولونه عني، وربطت كل شيء في حياتي بكلام الناس، أحيانًا يكون لديّ الكثير من الأشياء التي أتمنى أن أفعلها، ولكني لا أُقدم على فعلها؛ حتى لا يتكلم فيّ الناس.

دائمًا ما أحاول أن أكون مثالية؛ حتى أعجِب الناس وأتلقى المديح منهم، تعبت كثيرًا من التفكير فيهم، أصبحت أعيش بلا هوية، وكل شيء أفعله من أجل الناس.

أريد أن أصبح مستقلة؛ أعيش من أجل نفسي، وأفكر بحياتي ومستقبلي، أريد أن أهتم بنفسي، وأريح نفسي من التفكير الزائد بالآخرين.

أتمنى أن أجد حلًا لمشكلتي عندكم، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Asmaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا بهذا.

هناك جانبان في رسالتك: فأولًا: ما هو قريب من شكل من أشكال الرهاب الاجتماعي، والثاني وهو الأهم، وهو يمكن ما يسبب الأول، وهو شيء من ضعف الثقة بالنفس.

طبعًا ليس هناك إنسان لا يمكن أن يتغيّر، فبقاء الحال من المحال -كما يُقال في أدبنا العربي-، ويمكن للإنسان أن يتغيّر بشكل يومي. والله –تعالى- ردّ ظروف تغيير حياتنا إلى تغيير ما بأنفسنا، حيث قال: {إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}.

مفتاح الأمر كله، هو الثقة بالنفس ،وتقدير الذات، وهذا يجب أن يأتي من داخل أنفسنا، صحيح أن لمعاملة الناس لنا تأثيرًا كبيرًا على هذا، إلا أن الجواب النهائي هو عندنا نحن.

إذا لم أقدّر نفسي وأثق بها، فكيف يمكن أن أطالب الناس لنفسي بما لا أقدمه أنا لهذه النفس؟!

وفي موضوع الثقة بالنفس، يفيد أن نذكر أن الناس –عادة- نوعان في مصدر ثقتهم في أنفسهم، وتقديرهم لذاتهم:

النوع الأول: يأخذ تقديره لذاته وبشكل أساسي من خلال نظرة الآخرين له، وبحيث عندما يرتاحون له ويثقون به، نجد أن ثقته بنفسه قد زادت، بينما عندما يستصغرونه ولا يقيمون له بالا، فإن ثقته بنفسه تنقص ولحدّ كبير، وقد يعاني كثيرًا من شعوره هذا عن نفسه، والذي لا يحبه ولا يرضاه، إلا أنه هكذا اعتاد.

والنوع الثاني: فهو يعرف قيمة نفسه، ويثق بإمكاناته، وبغض النظر عما يعتقده الناس فيه. وسواء عليه قدّروا عمله أم لم يقدّروه، فهذا قد يؤثر فيه بعض الشيء إلا أنها لا تهزّ ثقته في نفسه وتقديره لها.

ومن الأمور الهامة لحياتنا ولصحتنا النفسية، هو أن نقدّر ذواتنا، بحيث لا نسمح للآخرين أن يحطموا هذه الثقة بالنفس، وخاصة أن الناس قد لا يقدّرون الأثر الكبير الذي يمكن أن يتركه كلامهم عنا في أنفسنا وحياتنا، وهنا تأتي مسؤوليتنا الشخصية عن أنفسنا في حمايتها، والرسول –الكريم- يقول لنا: (إن لنفسك عليك حقًا)، وإذا لم نقدّر نحن هذه النفس التي نحملها بين جنبينا، فكيف لنا أن نطالب الآخرين بتقديرها؟!

حاولي أن تنمي ثقتك في نفسك ولتكوني من النوع الثاني الصحيّ، وذلك من خلال أمور كثيرة، ومنها تنمية المهارات المختلفة التي تتقنينها، وكذلك الهوايات والاهتمامات المتنوعة، وحاولي أن تكرري في نفسك بعض العبارات الإيجابية عن نفسك، مثل: (أنا قادرة) و(أنا أستطيع).

حاولي التركيز على الصفات الإيجابية التي عندك، وهي لا شك كثيرة، وحاولي أن تـُكثري من الأعمال التي تتقنيها وتحبينها، فمثل هذه الأعمال ترفع عندنا كثيرًا الثقة بأنفسنا، ولا تنسي الاستعانة بالله –تعالى- في كل هذا.

وبالنسبة لموضوع الرهاب الاجتماعي، فأنا أعتقد بأنه سيخف تدريجيًا من خلال رفع ثقتك بنفسك، والإقبال على لقاء الناس.

وإذا طالت المعاناة، فيمكنك الاستعانة بأحد الأخصائيين النفسيين ممن يمكن أن يضع لك برنامجًا علاجيًا، ويتابع معك هذا العلاج.

وفقك الله، ويسّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن



مواقيت الصلاة

حسب التوقيت المحلي لدولة قطر دولة أخرى؟
  • الفجر
    03:40 AM
  • الظهر
    11:32 AM
  • العصر
    03:01 PM
  • المغرب
    06:01 PM
  • العشاء
    07:31 PM