الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي التوحدي يعطل حياتنا.. هل نحن مأجورون على ذلك؟

السؤال

السلام عليكم..

لدينا أخ توحدي أقرب إلى التخلف العقلي.

لنا أكثر من ١٢ سنة نعاني منه، وذهبنا به إلى المشايخ والدكاترة بلا فائدة للأسف.

انعزلنا عن الناس ولا نخرج من البيت، ولا نزور أحدا، أو نخرج للفسحة، وهكذا لا بد أن يضل واحدا منا معه، وطبعا لا أحد يستطيع المجيء إلينا؛ لأنه يسبب لنا الإحراج، وهكذا .. يقوم بتخريب كل شيء في البيت، لدرجة أننا رفعنا كل الأثاث، ونقوم بالتنظيف بعده، فقد جعل البيت قذرا، وتعبنا من كثرة ما ننظف وراءه لدرجة أنه لا يذهب للحمام -أعزكم الله-.

تعبنا جدا، والموضوع يسبب لنا تعبا نفسيا وجسديا رهيبا فوق ما تتخيل وفقدنا الثقة في أنفسنا، دائما نحس أننا لسنا مثل الناس، نحس أننا أقل منهم.

دائما ندعو الله أن يأخذه ويخلصنا من العذاب والموت البطيء هذا! ولو كان قتله حلالا لقتلته بيدي، لا تستغربون هذا! لم يمر أحد بهذه الصعوبات، صعب أن تتخيلوا كمية التعب والقرف منه.

هل لنا أجر على الصبر عليه؟ وهل عندما نبكي ونتحسر على هذا الابتلاء هل هذا يقلل الأجر؟ وعندما نطلب من ربنا أن يأخذه كذلك؟ هل هذا تسخط؟ نحتاج للدعم والتأييد والمواساة كثيرا جدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إنسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن ندرك أيها الحبيب مدى المعاناة التي تعانونها بسبب هذا المريض، ولكن ما ينبغي أن تدركه أيها الحبيب أن الله سبحانه وتعالى ربما ساق إليكم هذه المصيبة لتكون باباً عظيماً من أبواب الخيرات، وسبباً موصلاً إلى فسيح الجنات، فإن الصبر على المصيبة سبب لحصول الثواب بغير حساب، كما أخبر الله تعالى في كتابه الكريم.

وكل مصيبة يصاب بها الإنسان إذا احتسب أجرها عند الله أثابه عليها، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (حتى الشوكة يشاكها..) فكيف بمصيبة تحمل الإنسان كل هذه المعاناة التي تعيشونها، والإحسان إلى هذا الإنسان من أعظم أنواع الإحسان، وقد أمرنا الله تعالى بالإحسان ليكافئنا عليه، فقال سبحانه: {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}. وقال: {إن الله لا يضيع أجر المحسنين}.

فكن على ثقة من أن كل عناء أو تعب تلاقونه في سبيل رعاية هذا الإنسان فإن الله تعالى يدخر لكم أجراً عظيماً في مقابل ذلك، فقد أدخل الله تعالى امرأة بغياً الجنة بسبب أنها سقت كلباً، وأدخل رجلاً الجنة بسبب أنه أزاح شوكة من طريق المسلمين، فكيف بمن يقوم على رعاية من يحتاج إلى رعاية لمثل ما ذكرت، لا شك أن هذا عمل عظيم وجهد كبير، والله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا.

فينبغي أن تحتسبوا الأجر وأن تتذكروا ما يدخره الله تعالى لكم من الثواب والمكافأة إذا أحسنتم إلى هذا الإنسان، وإذا أدركت هذا الإدراك علمت بأن هذا الإنسان رحمة من الله سبحانه وتعالى بكم وتيسير لأسباب الخير، وليس كما تتصور أنت بأنه شر محض وبلاء ومصيبة خالصة، فإن الله سبحانه وتعالى يضمن مصائبه أنواعاً من المنح الإلهية لمن أصابه بها.

احتسبوا الأجر عند الله وأحسنوا إلى هذا الإنسان فإنه محتاج إلى الرحمة والإحسان، ولك أن تتصور أيها الحبيب لو كنت أنت مكانه كيف ستكون حاجتك إلى رحمة الآخرين بك.

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يمن عليه بالعافية، وأن يمن عليكم بالصبر والإعانة، إنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً