الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الجنف مما يجعلني أواجه صعوبة في السجود.. فهل صلاتي صحيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من الجنف وهو انحناء في العمود الفقري منذ الولادة، وذلك بسبب ضعف عضلاتي الشديد وخصوصاً عضلات الحوض، فأنا لا أستطيع صعود الدرج بشكلٍ طبيعي، ولكن أحتاج إلى مجهود زائد ومساعدة، وأيضاً عند النهوض من الأرض إذا جلست فدائماً أحتاج لمن يمسك يدي ويساعدني، أو أتكأ على شيء بجانبي حتى أستطيع الوقوف، ولا أستطيع أبداً الجلوس على الأرض، ودائماً أجلس على كرسي.

استشرت أطباء كثر، نصحوني بعدم الوقوف كثيراً وزيادة الضغط على الظهر حتى لا يزيد من انحنائه بسبب ضعف عضلاتي، وأن أقوم ببعض التمارين الرياضية التي لا تحتاج إلى الوقوف كثيراً، أو النهوض من الأرض حتى تقوى عضلاتي وأعصابي.

وبسبب ذلك لا أستطيع في صلاتي السجود؛ لأنني أواجه صعوبة في النهوض، وفي كثير من الأحيان لا أستطيع أبداً أن أنهض، وأطلب من المساعدة دائماً، ولكن أقف عند التكبير والركوع بشكل طبيعي، لكن أشعر بعدم الراحة، وأنا لا أسجد لله، وكثيراً أبكي بسبب ذلك، جربت وحاولت كثيراً السجود ولكنني أواجه صعوبة بالغة وأنا أنهض، وأكاد لا أستطيع تماماً، وأكمل صلاتي وأنا جالسة، هل صلاتي غير صحيحة؟

فأنا أشعر كثيراً بالإحباط، وأنا لا أستطيع السجود لله، ودائماً أتحرى أوقات إجابة الدعاء لكي أدعو الله، واطلب منه أن يعينني على العبادة، والصبر على معاناتي منذ صغري، فأنا -والحمد لله- في منتصف العشرينات من عمري لم أتكاسل، ولا أضيع فروضي، ولكن الصلاة أفعال، وأنا أحاول على قدر استطاعتي أن أتمها على كامل هيئتها، ما عدا في السجود، فأسجد وأنا جالسة فقط، أسأل الله دائماً أن يشفيني ويقبل صلواتي وعبادتي، وأن يغفر لي ما قصرت فيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatima حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكرا على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.

لا بد وأنك تعانين من اعتلال عضلي ولادي، وهناك عدة أنواع مختلفة من الاعتلال العضلي، لكن تتشابه معظم الأعراض، فتتضمن الضعف في قوة العضلات، وقد ينجم عنه تشوه في العمود الفقري كما هو الحال عندك، وهو الجنف، وهذا النوع من الاعتلال العضلي لا بد وأن الأطباء قد شرحوا لك عنه، أي أنه ليس له علاج، ويبقى العلاج هو علاج طبيعي للقدرة على القيام بالأمور اللازمة للحياة اليومية، حسب إمكانية قوة العضلات المتبقية.

ولذا التركيز هناك على العلاج الطبيعي، وعلى استخدام المثبتات أو الداعمات braces، وكذلك أحيانا قد يلجأ الطبيب للجراحة لبعض المناطق من الجسم حسب ما يحتاجه المريض، وحسب ما يمكن إجراؤه.

أما بالنسبة لإمكانية السجود، فكما تعلمين أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فإن كنت لا تستطيعن فعل عمل من الصلاة، أو أي عبادة فافعلي ما بوسعك وثوابك عند الله، مثل من يستطيع القيام بهذه الأعمال، وتذكري قول الله تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"،


وأنا أترك الإجابة عن هذا الموضوع للإخوة الأفاضل في القسم الشرعي.

بارك الله فيك، وجعلك من أوليائه الصابرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: محمد حمودة، استشاري أول باطنية وروماتيزم.
وتليها إجابة الدكتور: مراد القدسي، مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرحبا بك -أختي الكريمة-، ونسأل الله أن يمنّ عليك بالعافية، ومما يمكن أن نشير عليك به.

_ بداية أحيي فيك الصبر والاحتساب على ما حصل لك من ابتلاء، فلك بهذا الصبر أجر عظيم عند الله تعالى.

_ لقد أحسنت عندما تكثرين من التضرع لله تعالى بأن يعافيك ويجعلك مؤدية للصلاة على الوجه الأكمل، وأنصحك بالاستمرار في ذلك، ولا تيأسي من رحمة الله، فإن فرج الله قريب -بإذنه تعالى-.

_ مسألة الصلاة عليك أن تصلي بحسب ما تقدرين عليه فإذا كان السجود يشق عليك ولا تستطيعين الرفع منه إلا بمعونة آخرين، فلا بأس من ترك السجود على الأرض، وأنت في الحقيقة تسجدين لله، ولكن ليس على الأرض، والذي منعك من ذلك عدم القدرة والاستطاعة، والمراد بنفي الاستطاعة وجود المشقة الشديدة بالقيام أو خوف زيادة المرض أو الهلاك، فليس عليك أي حرج في ترك السجود على الأرض، وصلاتك صحيحة؛ لقوله تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ "، [ سورة التغابن اية ١٦ ]، وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ : كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ "، رواه البخاري، ففي هذا الحديث رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمران أن يصلي بحسب استطاعته ولو ترك ركنا من أركان الصلاة بسبب المرض فلا حرج عليه في ذلك، ولك الأجر كاملا من غير نقصان؛ ولهذا أتمنى أن لا تحزني من عدم قدرتك على السجود، فهذا مرض قدره الله تعالى عليك.

ثم اعلمي أن هناك من لا يصلي ولا يسجد لله وهو قادر على ذلك، فأنت على خير عظيم، فاحمدي الله تعالى، وأعط نفسك الشعور بالتفاؤل وحسن الظن بالله، وأن تعلمي أن الله قادر على شفائك، ولعل الله أن يعافيك بسبب نيتك الصالحة بحرصك على الصلاة واتمامها، وعليك أن تأخذي بالأسباب للعلاج بحسب ما يوصي به الأطباء، حتى تتحسن حالتك وتكونين في صلاتك على أحسن حال.

_ الصدقة والإحسان للآخرين لها دورها الفاعل في تفريج الهم عنك، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً