الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتمنى الزواج لكنني أعاني من مرض يمنعني من ذلك!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أنا رجل عمري 29 سنة عازب، اكتشفت منذ أشهر بأنني مصاب بالتهاب الكبد الڤيروسي "ب" وأن الڤيروس الذي لدي غير نشط ومزمن، ونسبته في دمي هي 585 UI/ml، وحالتي لا توجب العلاج حسب كلام الطبيب، وقال لي الطبيب بأنني لن أستطيع الزواج إلا بعد مصارحة زوجتي بأنني حامل للڤيروس، وأنها يجب أن تقوم بتحاليل وتطعيم ضد الڤيروس، وهذا الأمر هو ما يجعل زواجي مستحيلا فلا بنت واحدة تقبل الزواج من مصاب بالتهاب الكبد الڤيروسي، وسألت الكثير منهن ولم أجد إجابة واحدة مفرحة.

أنا الآن في حالة نفسية مزرية، فكلما رأيت طفلا صغيرا أشعر بأنني فارغ الفؤاد، وأعلم أنني حرمت من نعمة الأولاد، ولا بنت تقبل بي، وفي الوقت ذاته لا أريد الزواج دون أن أصارحها بهذا الأمر؛ لأنني لن أعيش في راحة، وأكون قد خنتها.

ما يزيد حالتي النفسية تدميرا هو أن والدي يقول لي متى سأرى أحفادي، وهو الوحيد من إخوته الذي لا أحفاد له، وكان غرضي الأساس من الزواج هو تحقيق هذه الأمنية له.

ماذا أفعل، كيف يمكنني أن أجد زوجة تقبل بي؟

جزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حسب ما ورد في الاستشارة فإنك مصاب بالتهاب الكبد (ب) المزمن وغير النشط، ومن المعلوم أن هذا المرض يمكن أن يشفى تلقائيا لدى 90 إلى 95 بالمئة من المصابين دون الحاجة للعلاج، وأن 5 إلى 10 بالمئة من الحالات تحتاج للعلاج، ويكون العلاج إما بأدوية فموية، أو إبر الأنترفيرون، ومعنى الشفاء أي الشفاء التام -بإذن الله-، أي لا توجد أي فعالية للمرض، ولا يكون حاملا للمرض، ولا يتسبب بالعدوى لأي من أقاربه، أو ممن يتعامل معهم.

وبالنسبة للحالات المزمنة فإنها تقسم لنوعين: حالات مزمنة غير فعالة، وحالات مزمنة فعالة ومستمرة، وفي بعض الحالات تكون الإصابة موجودة ولكن في المراحل الأولية، أي أن وظائف الكبد لم تتأثر بعد بالإصابة، وهنا تكون فرصة الشفاء كبيرة -بإذن الله-، والأفضل دائما هو الكشف الطبي قبل الزواج، وفي حالة إصابة أحد الزوجين عليه إخبار الطرف الآخر، وأن لا يتم الزواج إلا بعد التأكد من الشفاء -بإذن الله-.

أما إن حصلت الإصابة بعد الزواج؛ فالأولى أن يأخذ الطرف الآخر التطعيمات الخاصة بالتهاب الكبد ثلاث جرعات، وهي تحقق نسبة وقاية عالية، مع اتخاذ التدابير الوقائية باستعمال العازل أو الواقي الذكري أثناء الجماع، وينصح أن يتم تحليل الدم للكشف عن فعالية اللقاح، ووجود المناعة الفعالة نتيجة التطعيم، والتطعيم ليس له تأثيرات جانبية ولو كانت المناعة ضعيفة.

لذا: نرجو من الله أن تكون من فئة المرضى الذين سيكتب لهم الشفاء -بإذن الله تعالى-، وهي نسبة عالية من المرضى؛ لذا ينصح بإعادة التحاليل كل ستة أشهر للتأكد من السلامة، والوصول إلى مرحلة الشفاء -بإذنه تعالى-، وإن لم يحصل الشفاء -لا سمح الله-، عندها لا بد من اتباع التعليمات الواردة سابقا من ضرورة أن تأخذ من توافق على الزواج، الجرعات الثلاث من اللقاح، مع اتباع وسائل الوقاية.

ونرجو لك من الله دوام الصحة والعافية، والشفاء العاجل -بإذن الله تعالى-.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الدكتور: محمد مازن، تخصص باطنية وكلى.
وتليها إجابة الدكتور: عقيل المقطري، مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

كن على يقين أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن ما أصاب المرء لم يكن ليخطأه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

الرضا بالقضاء والقدر جزء من الإيمان كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام- حين سئل عن الإيمان قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره من الله تعالى).

الجزاء يكون على قدر البلاء فإن عظم البلاء عظم الجزاء، والابتلاء عنوان محبة الله للعبد يقول -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ)، فعليك أن ترضى بقضاء الله وقدره، وحذار أن تتسخط وإلا فالجزاء من جنس العمل.

ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء يقول -عليه الصلاة والسلام-: (ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله ألا فتداووا عباد الله)، فعليك بالتداوي وسيرشدكم الطبيب المستشار إلى ما تحتاجون إليه في هذا الباب.

لا تيأس من رحمة الله، وكن متفائلا فاليأس ليس من صفات المؤمنين والتفاؤل من الصفات التي كان يحبها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ما كان مكتوبا لك فستجده، وسيذلل الله لك كل الصعاب وما لم يكن مكتوبا لك فمهما بذلت فلن تستطيع أن تحققه، وما عليك إلا أن تقوم بعمل الأسباب المشروعة، فالعمل بالسبب لا ينافي التوكل على الله سبحانه.

أوصيك أن توثق صلتك بالله تعالى، وأن تجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فبالإيمان والعمل الصالح توهب الحياة الطيبة يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وادع دعوة المضطر أن يشفيك الله من هذا المرض مع العمل بالسبب -طبعا- فالأمور بيد الله تعالى، وإذا أراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون، وعليك أن تدعو وتوقن بأن الله سيستجيب له فالله قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة قال تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)، وقال: (وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ)، وقال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

قم بزيارة الطبيب المختص، وابدأ بالعلاج مباشرة قبل أن تبحث عن شريكة حياتك، ولعل الله أن يكتب لك الشفاء عاجلا غير آجل وتتزوج وتكون أسرة -بإذن الله تعالى-.

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً