الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أغار على زوجي من فتاة تعمل في محله.. فهل أصارحه؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجي فتح محل عطور منذ سنة، وكان لديه عامل، ولما جاء أمر العودة وظف شابا ولكن لم يستمر معه، ثم وظف فتاة، وبعد شهر أخبرني، فانزعجت من الموضوع، لكن تعاملت بعقلانية لأنه هو من أخبرني، صار لها شهران، وحاليا بدأت أغار منها، وأنزعج من مراسلاتها له في الواتس أب، ومن كلامها معه.

عندما يذهب للمحل أجن وأغار حتى من التفكير حتى لو كان كلامهم عن العمل فقط، صراحة أنا لم أشاهد المحادثات، ولم أسمعه يكلمها، ولم يصلني أي كلام عنهما، وهو يخبرني أنها ترسل الأسئلة المتعلقة بالمحل، ويرسل لها الأوامر والتعليمات فقط، وكل ليلة يذهب للمحل لأخذ الدخل وجرد الفواتير والبضاعة، ويقول: إنه لا يدخل المحل وهي موجودة، ويجلس مع العامل في الخارج أو في المحل المقابل، ولكن أنا لا أعلم إذا كان يوجد بينهما أي كلام غير ذلك، ولن يخبرني به إذا حصل.

تعبت نفسيتي، ولا أطيق حتى أن يتحدث عنها، رغم أنني أنا التي أسأل عنها أحيانا، وذهبت لرؤيتها ليست من النساء المتأنقات والجذابات، فهي إنسانة عادية بسيطة جدا، ويمكن أنها أقل مني في الجمال، طبعا كانت منقبة ولم أشاهدها.

فأنا لا أفضل أنها تعرف رقم زوجي، ولا أحب الرسائل بينهم، ولا أن يتكلم عنها أو يمدحها، خاصه أنه يقول ربي رزقني بها فهي إنسانة تحب العمل، وتعرف عملها، ويقول إنها من عائلة محتاجة، كما أن والدها وأخاها جاؤوا للمحل لكي يشاهدوا مكان عملها.

ساعدوني لا أستطيع التحمل، ولا أريد أن أصارحه بذلك لكي لا ينتبه لغيرتي؛ لأني لم أوضح له.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Rema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً وسهلاً ومرحباً بك – أختي العزيزة – وبارك الله فيك ووفقك وأعانك.
وجود الغيرة في الإنسان طبيعة بشرية وفطرة إنسانية، وهي صفة محمودة ومطلوبة، وعلامة المحبة، حيث يحرص صاحبها على الاستئثار بمحبوبه ولا يشركه فيه أحد، ويشترط حتى تكون مقبولة أن تكون في حدودها الشرعية والطبيعية، وأن تقوم على قرائن قوية وشرعية.

وأما إذا خلت من هذه الشروط فإنها تكون حينئذ مذمومة شرعاً وعقلاً وحِسّاً وفطرة، حيث تعتبر من مساوئ الأخلاق؛ لأنها من باب سوء الظن بغير دليل، وتكون لها آثارا سيئة، ونتائج عكسية، حيث تكون سبباً في جلب البغضاء والهموم والأحزان للزوجين، وتدمير العلاقة الزوجية.

نعم, فإن الأصل أن يجلب زوجك رجلاً للعمل كونه أبعد عن الشبهة وهو الأولى بعمل الأسواق المختصة غالباً بالرجال، إلا أن الظروف أحياناً تضطر أصحاب العمل لجلب النساء كونهن أقل كلفة مادية، وأكثر انضباطاً بالعمل وتحملاً للمسؤولية، لا سيما وعمل العطور قريبا من طبيعتهن وله صلة بالنساء كما تعلمين.

وربما يجتهدن في العمل لشدة حاجتهن الأمر الذي يسهم في الحد والتخفيف من غيرتك, كما أن علمك بزوجك ومدى استقامته في دينه أو افتتانه بالنساء وعدم تغير طبيعته إزاءك مما يخفف من غيرتك أيضاً.

كما أن اطلاعك على المرأة العاملة في محل زوجك وإدراكك بكونها امرأة عادية غير متميزة بالحسن الزائد والفتنة, وكونها متابعة من قبل أسرتها, كل ذلك وغيره مما يسهم في تخفيف من غيرتك الزائدة غير المبررة.

والمرأة بعادتها وخبرتها وفطرتها لا يخفى عليها انضباط زوجها من افتتانه وتغير طبيعته إزاء زوجته.

وعليه فالذي أنصحك به المحافظة على توازنك وانضباطك في نفسيتك وطبيعتك وكلامك، وحسن الظن بزوجك، وعذره على ضرورته، وعدم المبالغة في الغيرة ما دام كلامه ورسائله في حدود العمل، وربما جرى عليه بغير قصد، وسوء نية بعض من التبسم والتلطف الطبيعي لضرورة الطبيعة البشرية، فلا ينبغي أن تعتبريه قرينة انحراف أو تعلق وفتنة إلا لدليل قوي وظاهر؛ أي الأصل براءة الذمة من التهمة ويقين العفة لا يزول بشك التهمة.

لا مانع التماس الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب وتذكيره ونصحه بهدوء ولباقة ولطف في تحذيره من الخلوة المحرمة والوقوف مواقف الريبة، وعدم شكواه للأهل والصديقات؛ حرصاً على دينه وسمعته من غير ضغط وغضب وتكرار حتى تساعدي زوجك على احتمال وتجاوز همومه ومشاكله العملية، ولا تكدري طبعه، ولا يسيء فهمك ومعاملتك, واجتهدي أن توفري له الصحبة الصالحة، ولزوم الذكر والقرآن، والدعاء والطاعات، وإشغال وقت فراغك بمهامك ومسؤولياتك، وتطوير ذاتك وقدراتك ومهاراتك العلمية والعملية، والتخفيف من الضغوط بالقراءة والنزهة وممارسة الرياضة.

وكوني دائماً حاضرة على حال حسنة قولاً وفعلاً ومنظراً ومخبراً بين يدي زوجك، ولازمي الاستعاذة والاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

هذا وأسأل الله تعالى أن يبارك لكم في الرزق، ويرزقكم الحياة السعيدة الآمنة المطمئنة، ويجمع شملك وزوجك والأسرة على سكن ومودة ورحمة.

والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً