الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتكلم مع شاب ولا أستطيع التوقف عن هذا الذنب، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة ذنوبي كثيرة، وأجاهد نفسي كثيرا، لكن هناك ذنب مهما قررت التوبة عنه أعود إليه، وأشعر بضيق وقلبي يحترق بسبب هذا الذنب، وهو أني أكلم شابا، وكلما قررت قطع العلاقة معه، أعود وأتكلم معه.

آخر مرة وسوس لي الشيطان أن بفعلي هذا جرحت مشاعره، وأن الله لن يوقفني لأني تركته، فعدت واتصلت به لشعوري بالذنب، ومنذ ذلك الوقت وأنا أخجل حتى من الاستغفار أو الدعاء، لأني أذنب وأعلم أنه ذنب، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمنية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحيّي نفسك اللوامة وضميرك الحي الذي دفعك للسؤال، ونسأل الله أن يهديك، وأن يُصلح الأحوال، وأن يتوب علينا وعليك، ويُحقِّق لنا جميعًا الآمال.

أرجو أن لا تتوقفي عن الدعاء، ولا تكُفِّي عن الاستغفار مهما حصل منك، واعلمي أن استغفارك ودعاءك ممَّا يغيظ عدونا الشيطان، ونبشّرك بأن ربنا يُجيب المضطر ويقبل التوبة، وهنيئًا لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا، ونبشرك بان اختناقك وضيق صدرك من الذنب دليل على خير فيك، ونتمنَّى أن تحوّلي كل ذلك إلى توبة نصوح، والتوبة تَجُبُّ ما قبلها.

واعلمي - يا بنتي الفاضلة - أن في تركك للشاب خيرا لك وله، فانصحي لنفسك وله بالتوقف تمامًا عن التواصل معه، وتذكّري أن الألم الذي يحصل له أو لك في الدنيا لا يُساوي شيئًا أمام غضب الله، بل هو سبب لتعاسة الطرفين في الدنيا والآخرة عياذًا بالله.

وخوفك عليه إذا توقفت عن التواصل معه من تزيين عدوّنا الشيطان، فهو يستدرج ضحاياه، ويزيّن لهم الأخطاء، ثم يتبرأ منهم، كما في كتاب الله: {وقال الشيطان لما قُضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان ليَ عليكم من سلطان إلَّا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم}.

ولا يخفى على أمثالك أن الألم الحاصل بعد التوقف أخف بكثير من الآهات والحسرات والفشل المترتب على التمادي في العصيان، وتركك للمعصية هو سبب التوفيق والخير، ولا يمكن أن تكون المعاصي سبيل لتوفيق الله، وإذا استمرت النعمة في المعاصي فذلك نوع من الاستدراج، ولا يأمن مكر الله إلَّا القوم الخاسرون.

وأنت لستِ مطالبة بالاهتمام بمشاعر من يتمادى في المعاصي كائنًا من كان، فأدركي نفسك بتوبة نصوح، وإذا كان في الشاب خير فعليه أن يتوب ثم يطرق باب أهلك لتكوني معه بالحلال.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وأنت في مقام بناتنا وأخواتنا، ونحن نقول لك لا مجال للحيرة، فالحق واضح ولا يحتاج إلى توضيح، فامنعي قلبك من الاحتراق، وعجّلي بالتوبة، وتخلّصي من كل ما يربطك بالشاب، من أرقام أو ذكريات او مواقع، وتقربي إلى ربنا التواب، ونسأل الله أن يوفقك للحق والصواب.

سوف نسعد ببشارتك بتوقفك وبتوبتك، ونسأل الله أن يُسددك ويوفقك لما يُحبّه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً