الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر باليأس وحالتي النفسية في تدهور مستمر

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، عمري ٢١ سنة، طالب جامعي، أنا إنسان منهك تماما، أنهكتني أفكاري السلبية التي لم أعد أستطع أن أتعامل معها منذ طفولتي، وأنا خجول، ليس لدي ثقة في نفسي، أفكاري كلها سوداء، وأنا في حزن مستمر.

منذ زمن كنت أعاني من الرهاب الاجتماعي لكن لم يكن عائقا لي في حياتي المعتادة، أما في الفترة الأخيرة أصبحت أخاف حتى من أهلي، صرت أستيقظ من نومي خائفا وقلبي ينبض بقوة، أشعر أن الناس تراقبني وتتكلم عني، لم أعد أتحمل أكثر، اقسم بالله أنني منهك تماما، كما أعاني من الوسواس القهري في الترتيب والتنظيم، ما سبب كل ما يحصل معي؟ هل هو الحسد؟ هل هو المس أم سحر؟

أفكاري لا تتوقف عن تحطيمي، أشعر أنني فقدت السيطرة على عقلي، وكأنني لست أنا من يملكه. أريد أن أخرج من تلك الحالة دون أدوية أو طبيب نفسي، أريد الخلاص حتى لو كان ذلك بالموت، فحياتي ليست حياة إنما هي عذاب .. نعم، أرى الشباب في عمري واثقين من أنفسهم، يذهبون ويأتون لا شيء يعيقهم إلا أنا العبد الحزين الخائف المنهك الذي يئس من العلاج.

أصبحت على يقين أنني سوف أبقى هكذا بقية حياتي، أكتب والدموع تنزل من عيني! كيف أصبح حالي بعدما كنت سعيدا.

أرجوكم أعطوني خططًا وإرشادات فعالة لأخرج من حالة اليأس والقنوط، أريد أن أكون شابا واثقا من نفسه محبوبًا لدى الناس.

عذرا على الإطالة لكن ضاقت بي الدنيا بوسعها.

والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت وسمت نفسك بتشخيصات كثيرة (اليأس، القنوط، الاكتئاب، الوسواس، الخوف)، وهذا حقًّا يحتاج لتقييم من طبيبٍ مختصٍّ، بالرغم من أنك ذكرت أنك لا تريد أن تقابل طبيبًا، لكن من الواجب أن أنصحك أن تقابل الطبيب، لأن الطبيب سوف يقوم بتأكيد وتأصيل الأمور بصورة علمية ومنطقية ويُطبق عليك المعايير التشخيصية، وهذه نقطة مهمَّة جدًّا، لأن كثيرا من الناس ينعتون أنفسهم بسماتٍ وأوصافٍ ليست صحيحة، ونحن نرى أن تصحيح المفاهيم هو المرتكز والمنطلق الأول للعلاج النفسي الصحيح.

فأنا أريد منك أن تذهب إلى الطبيب حتى ولو مرة أو مرتين فقط، وذلك لتدارس أعراضك معه، ومن ثمَّ معرفة تشخيص حالتك بصورة صحيحة ودقيقة، وبعد ذلك تبدأ في العلاج.

العلاج له أربع مكوّنات: (علاج دوائي، علاج نفسي، علاج اجتماعي، وعلاج إسلامي)، وليس من الضروري أن يحتاج الإنسان لكل المكونات العلاجية، مثلاً –كما ذكرتَ وتفضلتَ– قد لا تحتاج أبدًا لأي نوعٍ من الأدوية، لكنّك قطعًا تحتاج للعلاج الإسلامي، فهو مهمٌّ في جميع الأحوال والظروف، والعلاج الإسلامي يتعلَّم من خلاله الإنسان رفع همّته، والثقة بنفسه، والقيام بالواجبات الاجتماعية أصلٌ أصيل نتعلَّمه من الدّين ونتعلَّمه من المجتمع.

وأن تكونَ إنسانًا متفائلاً، هذا جزء من العلاج النفسي، أن تحطّم هذا الفكر السلبي، وأن تنظر إلى نفسك بإيجابية أفضل.

أنت قمتَ بصياغة رسالتك بصورة جميلة، وهذا دليل على مقدراتك، أليست هذه نقطة إيجابية في حياتك؟! نعم هي نقطة إيجابية، يجب أن تعطيها اعتبارًا. الأفكار السلبية المشوّهة دائمًا تُنسينا ما هو إيجابي في حياتنا، بالرغم من أن كل شيءٍ سلبي هنالك ما يُقابله من مكوّن إيجابي، وعليه أنصحك بأن تنظر إلى الأمور بإيجابية، كلّ فكرة سلبية سوداوية هنالك ما يُقابلها ممَّا هو إيجابي.

وخطّطك العلاجية لا بد أن تشمل التفكير في المستقبل، ما الذي تريد أن تقوم به؟ ما هي برامجك؟ ما هي النجاحات التي تريد أن تصل إليها؟ أنت شاب وفي بدايات سِنِّ الشباب، الله تعالى حباك بطاقاتٍ عظيمة يجب أن تستفيد منها، بأن تبني لنفسك مستقبلاً مُشرقًا.

أمورٌ بسيطة جدًّا سوف تعدّل حياتك: الاهتمام بأسرتك، برّ والديك، أن تضع أهدافًا (أهداف آنية، وأهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى)، وتصنع لنفسك حياة جديدة تمامًا، حتى الحاجة البيولوجية من طعامٍ وخلافه حين نُنظِّمه بصورة صحيحة، وحين ينام الإنسان نومًا مبكَّرًا ليلاً، وحين تمارس الرياضة، هذا كلّه سوف يُغيّر حياتك إلى الأفضل.

عليك بالرفقة والصحبة الطيبة، الشباب الصالحين، يجب أن يكونوا هم الذين تقتدي بهم. جالس إمام مسجد، اسمع لمواعظه ولتوجيهاته.

هذا هو الذي أنصحك به، أشياء بسيطة لكنها مهمّة، وأريدك أن تقرأ بعض الكتب، هنالك كتب عن الذكاء الوجداني أو الذكاء العاطفي، هذا أحد العلوم الراقية جدًّا، وهو مطلوب في حياتنا، اقرأ عنه.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (288014 - 237889 - 241190 - 234086 - 2349095).

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً