الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركت الحشيش وبدأت تأتيني وساوس واكتئاب

السؤال

السلام عليكم

تركت الحشيش وبدأت تأتيني وساوس وأتعاطى دواء أوراب، وكنت آخذ ديلوكستين واستالوبرام مع عدم الجدوى والعودة للحشيش مرة أخرى.

هل يجب أن لا أذهب للطبيب؟ وهل حالتي نفسية لا تتغير إذا شربت أو دخنت؟ أرجو الحل المناسب، فقد يئست من الاكتئاب، يكاد يقتلني، ما العمل المناسب؟ وهل الصلاة فقط تكفي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية.

كل مشكلة تتمركز حول تعاطي الحشيش، والحشيش لا شك أنه أحد المخدرات الرئيسية، وبالرغم من انتشاره وتداوله بين الكثير من الناس إلَّا أن معظم الذين يتعاطونه لا يعرفون الحقائق العلمية عنه، فمادة الحشيش متنوعة الإفرازات الكيميائية، وهنالك تباين وفروق وتفاوت كبير جدًّا في درجة تركيز المادة النشطة، والتي تُسمَّى (THC)، هذه المادة اللعينة هي التي تؤدي إلى كل المتغيرات التي يُسبِّبها الحشيش من هلاوسٍ وظنانٍ وضلالاتٍ ووسوسةٍ وهوسٍ واكتئابٍ واضمحلال في الشخصية.

في بدايات التعاطي يحس الإنسان بشيء من الاسترخاء، وهذا الشعور الزائف هو الذي يقود الكثير من المدمنين للاستمرار في التعاطي.

أيها الفاضل الكريم: النقطة الأولى والجوهرية والمحورية هي أن تتوقف عن تعاطي الحشيش، لا خير فيه، ولا فائدة فيه، والإنسان إذا أزال السبب ستعود الأمور إلى طبيعتها.

تناول الأدوية هو داعم ومفيد، وأرجو أن أبلغك حقيقة علمية مهمَّة جدًّا، وهي أن مادة الحشيش تؤدي إلى إفراز لمادة في الدماغ تُسمَّى (دوبامين)، وهذه هي المادة التي تؤدي إلى الأمراض الذُّهانية والعقلية والشكوك والظنان.

عقار (أوراب) الذي وصفه لك الطبيب هو دواء يستعمل لعلاج الأعراض الذهانية، بمعنى أن الحشيش بالفعل قد أثّر عليك تأثيرًا سلبيًّا. أمَّا الـ (دولكستين) والـ (استالوبرام) فهي أدوية مُحسِّنة للمزاج.

العلاجات الدوائية سهلة جدًّا، وكلها ستفيدك إن شاء الله تعالى.

اذهب إلى الطبيب النفسي واجلس معه ليضع لك خطة علاجية وتأهيلية كاملة، ولا بد أن تكون لديك العزيمة والإصرار والقوة والشكيمة لأن تتوقف عن التعاطي.

أنت أفضل من أن تكون مستعبدًا لتعاطي مادة بهذا السوء وتجلب لك الضرر في كل شيء، مُنقصة لدينك، ومُهلكة لمالك، ومؤذية لشخصيتك ومكانتك الاجتماعية وصحتك العقلية والجسدية.

أنا أؤكد لك أن الإقلاع والتوقف عن التعاطي ممكن وليس بالصعب، عليك أن تُغيّر الأشخاص وتُغيّر المكان وتُغيّر الأدوات، الأشخاص يعني الصحبة السيئة ومَن تتعاطى معهم أو مَن يموّلك بالحشيش، والأماكن: المكان الذي تتعاطى فيه يجب أن تُغيّره، والأدوات: طريقة التعاطي وكل ما يتعلَّق بالحشيش وإدمانه.

هذا هو الدرس الأول في التعافي، وهو مهمٌّ جدًّا، ويجب أن تستشعر أهميتك، وتستشعر ذاتك، وكما ذكرتُ لك: تُحرّر نفسك من الاستعباد.

لا شك أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتناول الحشيش يأتي تحت هذا الشيء، فهو منكر، وهو يؤدي إلى الفحشاء في كثير من المواقف.

نعم أقول لك صلِّ الصلاة الخاشعة، والتي ستعينك، لكن يجب أن تتوقف عن التعاطي، قال تعالى: { أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارى حتى تعلموا ما تقولون} هذه الآية قبل تحريم الخمور والمخدرات، ثم نزلت آية التحريم: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يُوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.

الأمر واضح وجلي، وأنا أدعوك أن تذهب للطبيب - كما ذكرتُ لك - ليكتب لك أحد الأدوية التي ستفيدك، لكن البرامج العلاجية والتأهيلية وبرامج التوقف هي الأهم كما ذكرتُ لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً