الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعقدت نفسيا لأن بشرتي حنطاوية، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من عقده نفسية وهي عدم تقدير الذات وسببها البيئة التي نشأت فيها، حيث ولدت ببشرة حنطية من أب أسمر وأم بيضاء، عندما كنت صغيرا كنت أظن نفسي أبيض جدا، وكنت أحتقر أصحاب البشرة السمراء، وعندما كبرت اكتشفت أني أسمر فاتح، بدأت أحتقر نفسي، وأكره أبي وعائلته بسبب بشرتهم، وأفضل أمي وأهلها.

تطورت حالتي حتى وصلت إلى مرحلة عدم تحمل العيش في دولة شرقية أغلبية الناس بشرتهم سمراء، وأصبت بأمراض نفسية مثل القلق، والاعتقاد أن الإنسان الأسمر فاشل، وليس من حقه أن يصبح غنيا، أو يعيش برفاهية، وهذا الكلام ينطبق على نفسي، حتى مرت علي فترة كنت أرتدي فيها ملابس قديمة وسخة وممزقة وأخرج في الشارع وكأنه شيء طبيعي جدا، وحتى إني أنهيت صداقتي مع صديقي لأنه أسمر، وبدأت أظن أن البيض يضطهدونني لأني أسمر ولا يحبون أن يروني سعيدا، رجاء ساعدوني، ما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohammed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

مشكلتك بسيطة جدًّا لكنك ضخمتها تضخيمًا مبالغًا، والذي أذكره لك: يجب أن تقبل بخلق الله، ومَن قال لك (الأبيض أفضل من الأسود؟) مفاهيمك خاطئة، مفاهيمك تشوبها السطحية مع احترامي الشديد لشخصك الكريم.

أريد أن أذكّرك بالمغني المشهور (مايكل جاكسون) كان مُحبًّا لذاته جدًّا، وكان تأتيه مشاعر رفض للونه الأسمر، فقام بجراحاتٍ تجميلية كثيرة، غيَّر من خلالها لون جسده وشوّه نفسه وغيّر خِلقة الله، وأدخله هذا في الاكتئاب، وتعاطي لبعض المواد المخدرة، وفي الآخر مات بالصورة التي قد تكون سمعتَ بها.

لا تُدخل نفسك في هذه المآسي، كن رجلاً عالي الهمّة، كن رجلاً يُحبّ نفسه ويُقدّرها، وفي ذات الوقت يجب أن تكون فخورًا بذاتك، أنت تتكلَّم عن أشياء واهية، لا ينظر إليها إلَّا ضعفاء النفوس، لماذا تقبل لنفسك هذه الدُّونية؟! مفاهيمك مشوّهة جدًّا – أيها الفاضل الكريم – مع احترامي الشديد لذاتك.

الإنسان يجب أن يفهم ذاته، ويجب أن يقبل ذاته ثم يسعى لتطويرها، طوّر نفسك من خلال الدين، ومن خلال العلم، ومن خلال الوجود في داخل الأسرة، والسعي لتطويرها، وأن تكون لك علاقات اجتماعية رصينة، انخرط في بعض الأعمال الخيرية، تحسّ بلذة الخير، وتحسّ أنك شخصًا مفيدًا.

أيها الفاضل الكريم: ليس لديَّ أكثر من ذلك أقوله لك، مفاهيمك خاطئة، ليست صحيحة، الله تعالى أعطانا العقول حتى نستبصر ونصحح أفكارنا، ونُغيّر ذواتنا من انحرافاتها، النفس كثيرًا ما تستبدّ على العقل، والعقل كثيرًا ما يستبدّ على النفس، وهذا يؤدي إلى مثل هذه الأفكار القبيحة.

فعّل عقلك، وفعّل منطقك، واقبل نفسك، وكن معتزًّا بما أنت عليه، وتذكر قول الحق تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على كثير ممَّن خلقنا تفضيلاً}، {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}، {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآياتٍ للعالِمين}.

التفاضل بين الناس ليس بالألوان، إنما بالأعمال، وبدرجة إفادتك للآخرين، وبالتقوى وبالدين، {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى)).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً