الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نذرت استئجار قارئ لختم القرآن فهل يلزمها الوفاء بنذرها

السؤال

نذرت إحدى البنات أن تستأجر قارئاً لختم القرآن إذا نجحت في الاختبارات، فنجحت فعلاً في الاختبارات واستفتت في هذه المسألة وعلمت أن هذا العمل يعني استئجار قارئ القرآن بدعة مذمومة شرعاً، فهل يسقط عنها النذر إذا تصدقت بهذه الأجرة التي نوتها في بداية الأمر للقارئ، وماذا تفعل إذا كان التصدق بهذه الفلوس لا يسقط النذر؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يشرع نذر الاستئجار على مجرد القراءة ولا الوفاء به إن نذر، ولا كفارة فيه عند جمهور أهل العلم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الاستئجار على القراءة مختلف فيه بين الفقهاء فمنهم من يرى أنه غير جائز وهو مذهب الأحناف والحنابلة وعلى هذا القول لا يشرع نذره لأنه من نذر المعصية، ومنهم من يرى أنه جائز وهو مذهب المالكية والشافعية، وعلى قولهم يكون نذر استئجار القارئ من النذر المباح ونذر المباح لا يصح عند هؤلاء، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الاستئجار على مجرد القراءة لم يقل به أحد من الأئمة وإنما اختلفوا في الأجرة على التعليم، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ما نصه: والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الائمة، وإنما تنازعوا في الاستئجار على التعليم. انتهى.

ونقله عنه المرداوي في الإنصاف والرحيباني في مطالب أولي النهى، وفي الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في جواز الاستئجار لقراءة القرآن وأخذ الأجرة عليها، فذهب المالكية والشافعية إلى جواز الاستئجار على قراءة القرآن. قال الشافعية: وإذا قرأ جنبا ولو ناسياً لا يستحق أجرة. وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا يصح الاستئجار على القراءة. قال ابن عابدين: والاستئجار على التلاوة وإن صار متعارفاً فالعرف لا يجيزه، لأنه مخالف للنص، وهو ما استدل به أئمتنا من قوله عليه الصلاة والسلام: {اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكبروا به}. والعرف إذا خالف النص يرد بالاتفاق والذي أفتى به المتأخرون جواز الاستئجار على تعليم القرآن لا على تلاوته خلافاً لمن وهم. انتهى.

وخلاصة القول في هذه المسألة أن الاستئجار على مجرد القراءة غير جائز عند بعض أهل العلم ويجوز عند بعضهم، وأن نذره غير مشروع عند الجميع، لأنه عند القائلين بعدم الجواز من قبيل نذر المعصية وعند القائلين بجوازه من نذر المباح وهو غير منعقد عنهم أيضاً. وعلى هذا فلا يشرع الإقدام عليه ولا الوفاء به إن نذر ولا كفارة فيه إلا على قول أبي حنيفة القائل بلزوم الكفارة في نذر المعصية، لكن الجمهور يخالفوه في ذلك، كما سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 13567، والفتوى رقم: 20047، ثم إنه لا مانع من التصدق بالمبلغ الذي نذر، لكن لا يطالب بذلك ولا يسقط الكفارة عند القائل بها أيضاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني