الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قمت بإعفاء اللحية والحمدالله ولكن واجهت بعض الانتقادات والتعليقات من بعض الإخوة. وكانت على سبيل المزاح ولكن لم أرد عليهم.. ولكن بعض الإخوه قال لي بأن الإيمان محله القلب وليس اللحية فرددت عليه بأن كلامه صحيح .. ولكن يجب علينا اتباع الكتاب والسنة .. والرسول عليه الصلاة والسلام أوصانا بإعفاء اللحية في عدة أحاديث .. ويجب علينا اتباع ما قاله نبينا محمد عليه الصلاة والسلام حتى نحيي السنة فإذا تركنا هذه السنة فستموت ؟ هل كان ردي صحيحا .. وماذا تنصحون بالرد عليهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:‏
‏ ‏
فعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته. ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى، ‏ويلهمنا رشدنا ويثبتنا على الهدى جميعاً.‏
ثم إن ردك على هذا الشخص صحيح من حيث إن الواجب على المسلم هو امتثال أمر الله ‏تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن إعفاء اللحية من تلك الأمور الثابتة الأكيدة ‏التي يجب امتثالها.‏
ولكن ردك كان فيه قصور من حيث إنك أقررته على صحة ما ادعاه من أن الإيمان محله ‏القلب وليس اللحية، فهذه عبارة يرددها من يريدون التملص من الأوامر الربانية ‏والتكاليف الشرعية، مع احتفاظهم بوصف الإيمان والدخول في حظيرته اعتماداً منهم على ‏أن ما في القلوب لا يطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى.‏
ويمكن الرد على هذه المقولة من وجوه: ‏
منها: أن معتقد أهل السنة في الإيمان هو أنه قول واعتقاد وعمل لا يتم الإيمان إلا بمجموع ‏الثلاثة دل على ذلك كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال أئمة السلف ‏الصالح، فالأعمال إذن داخلة في صميم الإيمان، وليس هذا محل لبسط في هذا الموضوع، ‏ومن أراد البسط فيه فليرجع إلى كتب أهل السنة في العقيدة. ومنها: أن الله سبحانه وتعالى ‏لم يجعل سبيلاً لمن يدعي هذه الدعوى للإفلات من التحقق من صحة دعواه أو بطلانها، ‏وذلك أنه سبحانه وتعالى جعل أعمال الجوارح مصداقاً لما في القلوب وبرهاناً عليه، قال ‏تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) [آل عمران:31] فكان باستطاعة أي ‏أحد أن يدعى محبة الله تعالى التي هي أساس الإيمان، كما ادعى ذلك اليهود والنصارى، ‏حيث قال الله تعالى عنهم ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه) [المائدة: ] ‏لولا أن الله تعالى أبطل أي دعوى من هذا القبيل لا أساس لها، بأن جعل لمحبته علامة ‏جليلة يدركها كل أحد وهي: اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.‏
ومنها: أن يقال لهؤلاء كيف يمكن التوفيق بين دعوى رسوخ الإيمان في القلب وتغلغله فيه ‏وتشربه لمعانيه، مع عدم امتثال أوامر من يؤمن به المرء، واجتناب نواهيه، واتباع من أرسله ‏مبلغاً عنه بشيراً ونذيراً. ولله در القائل حيث يقول: ‏
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس بديع ‏
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع ‏
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني