الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زنى بامرأة وحملت منه فهل يحل له نكاحها

السؤال

كنت على علاقة بفتاة لكن للأسف حكم علي بالسجن وخلال فترة الحكم اتصلت بي وأخبرتني بأنها حامل تقدمت لخطبتها وتزوجتها ولم أسجل العقد مدنيا لأني هارب من الحكم وخلال العقود قلت إن جنسيتي سوري وأنا أحمل حاليا الجنسية الفلسطينية فقط مع العلم أن أصلي هو سوري وكان الزواج بحضور أب الزوجة والشهود ودفعت المهر، باختصار استوفيت جميع الشروط الشرعية إلا تسجيل الزواج عند الدولة الجزائرية وأنا أنتظر سقوط الحكم لتوثيق العقد ما حكم هذا الزواج؟ وما حكم الاستمرار به في هذه الحالة وقد كنت أنوي الزواج بها خلال العلاقة لكن حدث ما حدث، تزوجت بها بعد حملها بطفلة وأنا أعيش معها الآن قرابة العام ونصف، أرجو التكرم بالإجابة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله فيمن زنى بامرأة وحملت منه فهل يحل له نكاحها، فقال المالكية والحنابلة وأبو يوسف من الحنفية لا يجوز نكاحها قبل وضع الحمل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع. رواه أبو داود والحاكم وصححه، ولما روي عن سعيد بن المسيب: أن رجلا تزوج امرأة، فلما أصابها وجدها حبلى، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ففرق بينهما.

وذهب الشافعية والحنفية إلى أنه يجوز نكاح الحامل من الزنى لأنه لا حرمة لماء السفاح بدليل أنه لا يثبت به النسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. أخرجه البخاري ومسلم.

وإذا تزوجها غير من زنى بها، فالصواب المقطوع به أنه لا يحل له وطؤها حتى تضع، كما هو مذهب الحنفية كما في الدر المختار للحصكفي؛ لحديث: لا توطأ حامل حتى تضع. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره. رواه أبو داود.

وأما إن تزوجها من زنى بها فيجوز له وطؤها على مذهب الأحناف والشافعية.

أما بالنسبة لنسب الولد فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه ولا ينسب إليه، وإنما ينسب إلى أمه وأهلها نسبة شرعية صحيحة تثبت بها الحرمة والمحرمية، ويترتب عليها الولاية الشرعية والتعصيب والإرث، وغير ذلك من أحكام البنوة لأنه ابنها حقيقة ولا خلاف في ذلك.

وذهب إسحاق بن راهويه، وعروة، وسليمان بن يسار وأبو حنيفة إلى جواز نسبة ولد الزنا لأبيه إذا استلحقه ولم تكن الأم فراشا أي متزوجة. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها, ويستر عليها، والولد ولد له .
وأما بالنسبة لتأخير توثيق الزواج الشرعي فإن الزواج يكون معتبرا شرعا إذا توفرت فيه شروط الزواج الصحيح، سواء تم توثيقه أم لا، وتعتبر المرأة به زوجة، ويمكنك مراجعة هذه الشروط في الفتوى رقم: 5962.
وعليه؛ فتأخيرك للتوثيق لا أثر له في ثبوت الزوجية أو عدمها وإنما يؤثر على الزواج هو عقدك على المرأة وهي حامل، وقد علمت خلاف أهل العلم فيه، بالإضافة إلى أن المرجح عندنا هو عدم صحة الزواج من الزانية أو الزاني قبل التوبة.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50045, 6045, 42770.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني