الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفقات النائب في الحج .. من يتحملها

السؤال

توفي والدي قبل أن يحج في موسم الحج الماضي ولم يحج من قبل وقد سدد رسوم الحج كاملة فأرسلنا عمي ليحج عنه، وسؤالي: هو ما هي التكاليف اللازم دفعها ليكون صحيحا بإذن الله، في حالتنا كانت رسوم الحج والهدي من نقود والدي رحمه الله لكن عندما رجع عمي طالبنا بمبالغ عن كل شيء حتى رسوم استخراج جواز سفر له ودمغات وتصوير ومواصلات داخليه وأخرى من وإلى المطار بالإضافة إلى مبلغ ثمنا لطعامه الذي اشتراه من السعودية بالرغم أننا قد اشرينا له طعاما ليأخذه معه لأن الطعام بالسعودية غالي الثمن بالإضافة أنهم يقدمون طعاما في الفندق حتى نقود ما أنفقه لغسيل لبس الإحرام أثناء فترة الحج علما بأن والدي لم يكن ليفعل هذا بل كان سيقتصد في النفقات ولا يصرف ببذخ.... أرجو الرد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

أسأل الله أن يرحم والدك رحمة واسعة، ثم اعلم أن الفقهاء قد نصوا على أن من مات ولم يحج وكان قد وجب عليه الحج فالواجب أن يُحَج عنه من تركته، قال النووي في المنهاج: فمن مات وفي ذمته حج وجب الإحجاج عنه من تركته.

وإن لم يجد الورثة من يحج عنه إلا بأجرة المثل وجب عليهم بذلها، فإن أخذ الأجرة على النيابة في الحج جائز في قول مالك والشافعي وهو الصحيح، وإن كان ترك أخذها أولى خروجا من الخلاف .

فإذا كانت الأجرة تلزمكم لو طلبها عمكم فكيف بنفقته التي لا خلاف في وجوبها على المستنيب عند من يقول بالاستنابة، وإذا استنبتموه فالقول قوله فيما يدعي أنه أنفقه لأنه أمين ومحسن، وقد قال الله عز وجل: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {التوبة:91}.

فنفقة جواز السفر والتأشيرة ونفقة المواصلات الداخلية وغيرها تلزمكم في تركة أبيكم بلا شك، وكذا نفقته لطعامه وشرابه لازمة لكم، فإن الطعام الذي يقدمه الفندق قد لا يكون كافيا، فإذا اشترى طعاما بالمعروف فثمنه عليكم، وكذا نفقة غسل الثياب لازمه لكم، وكون أبيكم كان سيقتصد في النفقة لو قدر أنه حج ليس مسوغا لأن تتركوا إعطاء عمكم حقه، ثم إن الرجل لم يطلب منكم أجرة على قيامه بالحج عن أبيكم.

فالذي ننصحكم به أن تتقوا ربكم وأن تبذلوا الحق لعمكم عن طيب نفس، ثم إن كرام النفوس لا يأبهون لمثل هذه الأشياء، فالسماحة والخلق الحسن يقتضيان منكم أن تبذلوا لعمكم ما طلب دون هذا التدقيق والاستيفاء، فقد قيل: ما استوفى كريم قط، وعليكم أن تجتهدوا في الدعاء لأبيكم أن يتغمده الله برحمته وأن يتقبل حج عمكم عنه، والحج قد وقع صحيحا وسقط به الفرض عنه إن شاء الله، ولكن التبعة تبقى عليكم أنتم إن قصرتم في إعطاء عمكم حقه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني