الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العاصي يوعظ ولا يوافَق على معاصيه

السؤال

أعتذر لأن سؤالي سيكون طويلا بعض الشيء ولكن لمعرفة كافة المعطيات عن الموضوع.
لدي أخي يبلغ من العمر26 سنة لم يتم دراسته الجامعية فلتقصيره ولهثه وراء المظاهر والعديد من المفاسد تم طرده من الجامعة لرسوبه المتكرر وذلك في 02 /2007
بقي بعدها في المنزل إلى 11/ 2007 حصل وقتها على عمل في أحد المصانع بعد جهود بذلها أبي، ومنذ تسلمه العمل وحصوله على المال عاد إلى نفس السيرة، فأصبح لا يدخن إلا أرقى أنواع السجائر، ودائم الغياب عن المنزل، هذا عدا الديون التي تتراكم، وهو لا يصرف حتى على نفسه، فكل ما يتعلق بالنظافة وتكاليف الحياة اليومية على حساب والدي، وفي المرات القليلة التي ألحت فيها أمي كثيرا عليه ليساهم بقسط في مصروف المنزل رفض ذلك بعلة أن كل العائلات لا تفعل ما نفعله نحن معه، ولم يستجب إلا 3 مرات بمبالغ بسيطة، ثم أغلق الباب نهائيا كما قال هو وفي 07/ 2008 ورغم المشاكل التي تلاحقه مع العديد من الناس بسبب الديون وصل فيها الحال إلى أن جاؤوا يشتكون إلى والدي.
قال بأنه يريد أن يخطب إحدى الفتيات التي تعمل معه، والتي هو على علاقة بها تقريبا منذ بداية عمله طبعا، الكل رفض الموضوع خصوصا أنه لا يملك قرشا ومدين إلى العديد من الناس، ثم أخبرته أنا بأن الزواج لديه أصول وقواعد من الناحية الدينية والاجتماعية، ولكنه رفض كل ذلك وظل يصر ويلح خاصة على أمي، وعندما استشارتني أمي أخبرتها بما قاله عليه الصلاة والسلام: من استطاع الباءة، وأن أخي لا تتوفر فيه هذه الشروط ولذلك لا يمكن مجاراته في الموضوع، واتفق أبي وأمي برفض الموضوع إلى حين يتغير، ويثبت أنه جدير بمثل هذه المسؤولية.
ولكنه ظل يصر ويخاصم بدعوى أن الفتاة قالت له هي وأختها الكبرى بأنه يجب أن يخطبها، وإلا فهناك غيره سيتقدم لها قلنا له دعها لرغبتها ولتختر من هو أفضل بالنسبة لها خصوصا أنك لا تنوي بأي حال من الأحوال الزواج إلا بعد 4 أو 5 سنوات، ولكنه قال بأنه لا يريدها أن تضيع من يده، ويجب أن يحجزها لنفسه ورغم محاولاتنا إقناعه بأن هذا هراء، وكم من شخص خطب ثم فسخت الخطبة، وحتى هناك العديد ممن تزوجوا ثم طلقوا إلا أنه رفض وظل { يزن على أمي ويعاركها بصفة يومية } إلى أن تنازلت أمي وأثرت على أبي وذهب أبي وقابل أبا الفتاة، وأخبره بأن أخي ليس جاهزا للخطبة في الوقت الراهن وبأنه أرعن ولا يحسن التصرف، وأنه لا يملك مليما واحدا، وأنه غارق بالديون التي لا يعلم أحد لماذا استدانها، وما إلى ذلك وأن أبي لا يقبل على نفسه أن يرتكب خطئا مثل هذا، فعاد الأب وأخبر ابنته بما قاله أبي فقالت له أعلم ذلك وأنا موافقة، واتصلت بأخي هاتفيا وأخبرته بما دار بينها وبين أبيها وقالت: أحضر أهلك وكل شيء تمام، وأنها تقدم جميع التنازلات من الهدايا في الأعياد والمناسبات وما إلى ذلك، وكالعادة حدد الموعد معها دون استشارة أبي وأمي، وعندما اعترضت أمي قال لها ما شأنكما بالموضوع، أنتما ليس لديكما أي دخل سوى إذا قلت تذهبوا توافقوا قلت لا فلا، ومارس جميع الضغوطات إلى أن وافق أبي وأمي فقط، ورفضت أنا وأخواي الآخران المشاركة في هذا الموضوع، وذهبوا[ وطبعا المصاريف مستدانة] وقرؤوا الفاتحة { وطبعا هذه بدعة} والعجيب أنه رغم تكرار أبي وأمي لما قاله أبي لوالدها إلا أنهم قبلوا والأمر عادي بالنسبة لهم. الوضع الآن كالآتي: لقد تم تسريحه من العمل منذ نوفمبر الماضي، وكالعادة فهو على الحديدة كما يقال، وهو إلى الآن بلا عمل، و في عيد الأضحى ألغيت كل التنازلات وطالبته بالمجيء، وهو الآن يريد زيارتهم باستمرار لأنهم يريدون ذلك { وهذا شائع عندنا فالخاطب يذهب لبيت الخطيبة ويأكل ويشرب وينام حتى عندهم} وهو يريد أن يصطحب إما أمي أو أنا سواء لمنزل الفتاة أو للتفسح في المدن، وعندما رفضنا غضب وبدأ بممارسة الضغوطات بالاستعانة بأهلها الذين يلحون باستمرار لأزورهم العجيب أيضا [ الفتاة محجبة ] ولم أقتنع إلى الآن بكينونة هذا الحجاب، وكيف تقبل أن تفعل كل هذا وهو لا يمت إلى الإسلام بصلة، ولا إلى كرامة الفتاة في الإسلام، فأنا أخوض معارك شرسة مع العائلة والبيئة الموسعة حولنا لإقناعهم بمبادئي الإسلامية على كافة الأصعدة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، والآن الأسئلة وسامحوني على الإطالة:
1- هل موقفي صحيح من المسألة ومن عدم ذهابي إلا إذا أخذت المسألة الإطار الرسمي كعقد القران وما بعده طبعا إذا كان بما يرضي الله خصوصا أني حاولت معه بالنصح كما هي العادة في كافة قرارته الخاطئة ورغم هزيمته الدائمة إن صحت العبارة فهو لا يتعظ مطلقا ؟
2- أبي وأمي نادمان على التنازل والذهاب معه خاصة أنه لم يغير سلوكه إلى حد الآن ويريد أن يعتمد عليهما في كل شيء من الناحية المادية فقط رغم ظروفنا المتوسطة فما حكم ما قاما به من الناحية الشرعية وما الذي يتوجب عليهما فعله الآن ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا حرج عليك في الامتناع عن الذهاب مع أخيك طالما أنه عاص لربه مخالف لشرعه.

بل يجب عليك الامتناع عن مصاحبته فيما هو مخالف للشرع، ذلك حتى لا تكوني عونا له على معصيته، وقد بينا في الفتوى رقم: 116397، حكم هجر الأرحام إذا كانوا مصرين على المعاصي.

أما إذا طلب منك طلبا مباحا كأن تذهبي لزيارة أهل خطيبته، فإن الأولى أن تجيبيه لذلك بقصد تأليف قلبه واستمالته فربما كان هذا سببا في استجابته لنصحك وتأثره بوعظك.

أما بخصوص موقف والديك منه، فإنه لا تجب عليهما نفقته طالما أنه قادر على الكسب ولا يعمل، بل لا يجوز لهما أن يعطياه شيئا من المال إذا كان سيستعين بهذا المال على معصية الله.

والواجب عليكم جميعا هو أن تقوموا تجاهه بالنصح والتذكير والوعظ، وأن تدعوا له بظهر الغيب لعل الله أن يستجيب له، فإن أصر على معاصيه فليس عليكم من أوزاره شيئا، طالما أنكم قد أديتم ما عليكم من نصحه وزجره. واحذروا كل الحذر أن تكونوا عونا له على المعاصي، أو أن توافقوه عليها بدافع الشفقة والرحمة، بل عليكم أن تأخذوا منه موقف الكاره لما يفعل المنكر له، لعل هذا يكون رادعا له عن معصيته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني