الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنواع الخارج من السبيلين وحكمه من حيث النجاسة أو الطهارة

السؤال

هل كل خارج من السبيلين نجس؟ وكيف نميز بين ما حكم بنجاسته لملاقاته البول وبين غيره؟
وشكراً

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قرر طوائف من أهل العلم أن الأصل فيما خرج من السبلين النجاسة، واستثنيت من ذلك أمور، وهي ما دل الدليل على طهارتها.

قال ابن قدامة في المغني: ما خرج من السبيلين كالبول، والغائط، والمذي، والودي، والدم وغيره. فهذا لا نعلم في نجاسته خلافا إلا أشياء يسيرة نذكرها إن شاء الله تعالى. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند سياق حجة المنجسين لرطوبات الفرج: وعلَّلُوا: بأن جميع ما خرج من السَّبيل، فالأصل فيه النَّجاسة إِلا ما قام الدَّليل على طهارته. انتهى.

وأما ما يُستثنى من هذا الأصل فأشياء منها:

أولاً: ما لم يكن مائعاً كالدود ونحوه، وإنما يُحكم بنجاسته إذا خرج متلوثاً بشيءٍ من النجاسة كالبول والغائط.

قال الحطاب في مواهب الجليل: كل مائع خرج من أحد السبيلين نجس وذلك كالبول، والغائط، والمذي، والودي، والمني، ودم الحيض والنفاس، والاستحاضة وغير ذلك من أنواع البلل.

فدخل في كلامه كل بلل يخرج منهما كالهادي الخارج قبل الولادة، وخرج بقوله: مائع. ما ليس بمائع كالدود والحصى. قال المازري في شرحه: فإنهما طاهران في أنفسهما وإنما يكتسبان النجاسة بما يعلق بهما من بول أو غائط. انتهى.

وحكمه بنجاسة المني هو مذهبُ المالكية، ويأتي الكلامُ فيه.

ثانياً الريح: فإنها طاهرة، قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: كريح الدبر فإنها طاهرة واكتسابها ريح النجاسة لا يضر. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 45171.

ثالثاً المني: فإنه طاهر على الراجح من أقوال العلماء لقيام الدليل على طهارته كما فصلنا القول فيه في الفتويين رقم: 63403، 1789.

واحتجاجُ من قال بنجاسته بأنه خارجٌ من السبيلين، منقوض بما ذكره النووي في شرح المهذب وعبارته: وأجاب أصحابنا عن القياس على البول والدم بأن المني أصل الآدمي المكرم فهو بالطين أشبه بخلافهما، وعن قولهم يخرج من مخرج البول بالمنع، قالوا: بل ممرهما مختلف. قال القاضي أبو الطيب: وقد شق ذكر الرجل بالروم فوجد كذلك، فلا ننجسه بالشك. قال الشيخ أبو حامد: ولو ثبت أنه يخرج من مخرج البول لم يلزم منه النجاسة لأن ملاقاة النجاسة في الباطن لا تؤثر وإنما تؤثر ملاقاتها في الظاهر. انتهى.

وبكلام النووي المتقدم تعلم أن مجرد ملاقاة النجاسة في مقرها ليس موجباً للتنجيس، وأن المعتبر في ذلك هو الأصل الذي قدمناه من نجاسة كل خارج من السبيل، إلا ما قام الدليل على طهارته، لكن لو خرج المني فصادف رأس الذكر وهو متنجس بالبول تنجس المني لذلك.

قال ابن قدامة: ومن أمنى وعلى فرجه نجاسة نجس منيه لإصابته النجاسة ولم يعف عن يسيره لذلك. انتهى.

رابعا: رطوبات الفرج، فإن الراجح طهارتها، وقد فصلنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 110928.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني