الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلبت منه جدته العاجزة أن يحج عنها ووالده لم يحج وهو عاجز

السؤال

قمت بأداء فريضة الحج، وطلبت مني جدتي لأمي بأن أقوم نيابة عنها بفريضة الحج، وهي غير قادرة صحيا وماديا. هل يجوز لي أن أحج عنها ؟ وما الشروط الواجبة علي تجاهها ؟ مع العلم بوجود والدي أيضا وهو غير قادر بدنيا لأداء الفريضة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت قد حججت عن نفسك، فيجوز لك أن تحج نائباً عمن تصح النيابة عنه من ميتٍ أو معضوب وهو من عجز عن الحج ببدنه ويئس من القدرة؛ لحديث: حُج عن نفسك ثم حج عن شبرمة. رواه أبو داود وغيره .

وإذا كانت جدتك عاجزةً عن الحج ببدنها، وهي ميئوسٌ من شفائها، وطلبت منك أن تحج عنها، فلا حرج في أن تحج عنها، وإن كان لا يلزمها أن تستنيب من يحج عنها لكونها عاجزة بمالها كما ذكرت.

قال النووي في المجموع: والجمهور على أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز الميئوس من برئه. انتهى.

ثم إنه من تمام برك بها أن تقوم بالحج عنها، ولكن إذا كان أبوك عاجزاً عن الحج ببدنه، وطلب منك أن تحج عنه، فحقه مُقدم، لأنه أولى بالبر منها، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ، أَدْنَاكَ. أخرجه مسلم.

قال النووي رحمه الله: قال القاضي: وأجمعوا على أن الام والأب آكد حرمة في البر ممن سواهما، قال: وتردد بعضهم بين الأجداد والإخوة لقوله صلى الله عليه وسلم: ثم أدناك أدناك. قال أصحابنا: يستحب أن تقدم في البر الأم، ثم الأب، ثم الأولاد، ثم الأجداد، والجدات. انتهى.

وأما إذا كان أبوك لم يطلب منك أن تحج عنه، فحج عن جدتك، وأنت مأجور على ذلك إن شاء الله.

وأما سؤالك عن الشروط الواجبة عليك تجاهها، فإن كنت تريد به صفة الحج عنها -كما هو الظاهر- فإنك تنوي الحج عنها، وتحرم من الميقات ملبيا عنها، ثم تؤدي سائر المناسك بصورة عادية. وانظر الفتوى رقم: 3292 وثواب هذه الحجة يصلها، وتنتفع به بإذن الله، ويُسقط عنها حجة الإسلام، ولا يجبُ عليك شيءٌ أكثر من ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني