الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علق طلاق امرأته ثلاث مرات.

السؤال

قال لي زوجي تكونين طالقا إن خرجت من البيت، وتحت ضغوطه وسوء معاملته خرجت، وتكونين طالقا إن سلمت على فلان ـ ولإحراجي فعلت ـ و تكونين طالقا إن لم تخلعى ملابسك، وكان هذا الكلام تسبقه مشاكل، فلم أفعل، مع العلم أنه كرر اليمين الأول سبع مرات، وقد سألت بعض المشايخ في بلدتي، فبعضهم قال هذه الأيمان واقعة، والبعض الآخر قال لم تقع، واستشهدوا برأي ابن تيمية وابن القيم.
فأفيدوني جزاكم الله خيرا، أي الرأيين أصح؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر أن زوجك قد علق طلاقك ثلاث مرات.

أوَّلاً قال ـ تكوني طالقا إذا خرجت من البيت ـ وقد فعلت ذلك، وهذا الطلاق المعلق قد كرره سبع مرات -كما قلت- فإن قصد إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى وجعل ما بعدها تأكيدا لزمته طلقة واحدة إذا حنث ـ ولو كان ذلك في مجالس متفرقة، أو أوقات متعددة ـ وإن قصد إنشاء الطلاق بكل الألفاظ فقد حرمت عليه بالألفاظ الثلاثة الأولى، وما بعدها لم يصادف محلا. وإن لم يقصد تأكيدا ولا تأسيسا فتلزمه طلقة واحدة إن كان الطلاق في مجلس واحد، وإن تعددت المجالس نفذت ثلاث طلقات وما زاد عليها لم يصادف محلا، هذا حاصل المذهب الشافعي في المسألة، ففي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: لو كرر يمين الإيلاء مرتين فأكثر وأراد بغير الأولى التأكيد لها ولو تعدد المجلس وطال الفصل صدق بيمينه كنظيره في تعليق الطلاق، وفرق بينهما وبين تنجيز الطلاق بأن التنجيز إنشاء وإيقاع، والإيلاء والتعليق متعلقان بأمر مستقبل فالتأكيد بهما أليق، أو أراد الاستئناف تعددت أي الأيمان، ولو أطلق بأن لم يرد تأكيدا ولا استئنافا فواحدة إن اتحد المجلس حملا على التأكيد، وإلا تعددت لبعد التأكيد مع اختلاف المجلس، ونظيرهما جار في تعليق الطلاق. انتهى.

ثانيا: علق الطلاق على السلام على شخص معين.. وقد فعلت المعلق عليه فيقع الطلاق إذا لم تكن قد حصلت البينونة بما ذكر أولا.

ثالثا: علقه على عدم خلع الملابس.. ولم تفعلي فيقع أيضا إذا كان الطلاق السابق لم يبلغ الغاية إلا أنه في هذا الفرع الأخير إذا لم يكن حدد لخلع الملابس زمنا، فإن الحنث لا يقع، لأنك ستخلعين تلك الملابس ولو بعد حين.

فالحاصل أن الطلاق الذي أوقعه زوجك لا يقل عن ثلاث طلقات بناء على ما جاء في السؤال، إلا أن لا يكون قد حدد في الفرع الأخير زمنا كما تقدم، فعلى مذهب جمهورأهل العلم تكونين قد حرمت عليه ولا تحلين له حتى تنكحي زوجا غيره نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقك بعد الدخول.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه على زوجك كفارة يمين إذا كان لا يقصد طلاقا، وإنما قصد التهديد أو الزجرمثلا، والراجح مذهب الجمهور وهو الذي نفتي به، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 19162، وراجعي في قوله ـ تكونين طالقا ـ فتوانا رقم: 110560.

وإذا كان زوجك لم يحدد لخلع الملابس زمنا وكان تكراره ليمينه الأولى للتأكيد، فإنه يكون قد طلقك طلقتين وبالتالي، فله مراجعتك قبل انقضاء العدة، وإذا انقضت العدة كان في الإمكان أن يسترجعك بعقد جديد تتوفر فيه جميع شروط صحة النكاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني