الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أساليب ووسائل في الدعوة إلى الله

السؤال

أرجو منكم مساعدتي، فأنا أتعامل مع نصرانية شريكة مع أخي في مشروعه، ونحن من حين لآخر نناقش معها أمور ديننا بغية أن تسلم، وقد قامت بقراءة القرآن وفيما بعد سألتني: هل يمكن للمرأة أن تسافر إلى مكان بعيد بمفردها؟ فقلت ـ والله أعلم ـ إذا كان المكان قريبا فنعم، أما إذا كان المكان بعيدا والسفر لمدة يوم وليلة فيلزمها محرم، فطلبت مني إحضار الدليل وأنا أعلم جيداً أن سفر المرأة بدون محرم لا يجوز، ولكن يلزمني الدليل وأنا لست حافظة لكتاب الله بما يكفي، فأرجو مساعدتكم.
وهل يمكن عند مناقشاتنا معها أن نتنازل في بعض الأمور من ديننا بغرض أن تدخل في الإسلام كأن لا نشدد خصوصا وأن هذه المناقشات بانت بعدما قررت أن أتخلى عن لباس الحجاب الذي كان زينة في نفسه إلى جلباب فضفاض، وهذا صعب قليلا، حيث باتت تقول لا أفهم الفرق فقد كنت طائعة لربك من قبل وترتدين الحجاب وتمارسين عبادتك مثل الآخرين، فلماذا غيرت ملابسك من فتاة جميلة أنيقة في ملابسها إلى فتاة ترتدي ثيابا فضفاضة واسعة ذات ألوان غامقة؟ فقلت لها ربي أمرني بهذا، فتقول: وهل الرب لا يحب الجمال؟ فقلت لها: بلى فتقول ـ إذا ـ لماذا غيرت طريقة لبسك؟ فأرجو منكم مساعدتي وبعض النصح، لكي أجيب على أسئلتها وأقنعها فهي طيبة جداً وأعزها، لذا نحاول معها كي تهتدي.
أعانكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالدعوة إلى الإسلام من أفضل الأعمال التي يحبها الله ويثيب عليها بأعظم الأجور، فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم. متفق عليه.

والداعي إلى الله لا بد أن يكون على علم بما يدعو إليه وحكمة في أساليب دعوته، قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {يوسف:108}.

ومن الحكمة في الدعوة أن يتدرج الداعي مع المدعو ويراعي الأولويات فيبدأ بالأهم فالمهم، فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموالهم. صحيح مسلم.

قال ابن حجر: وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما يشترط بعد التوحيد إقامة الصلاة، لأنها رأس العبادات البدنية ثم أداء الزكاة، لأنها رأس العبادات المالية، ثم يعلم كل قوم ما حاجتهم إليه أمس. فتح الباري.

ويجوز للداعي أن يسكت عن بعض المنكرات التي يفعلها المدعو حتى يتهيأ الوقت المناسب للنهي عنها، لكن لا يجوز أن يتنازل الداعي عن شيء من الإسلام أو يغير حكماً من الأحكام، وإنما يراعى التدرج والرفق بالمدعو دون تحريف للشرع، فعليك بالاهتمام بدعوة تلك المرأة إلى الإيمان والتوحيد قبل الدخول معها في جدال حول بعض الأحكام الفرعية، وعليك أن تستعيني ببعض النساء من أهل العلم والصلاح.

واعلمي أن من أعظم وسائل الدعوة الاستعانة بالله والإحسان إلى المدعو والإلحاح في الدعاء له مع عدم تعجل النتيجة، ولمعرفة القواعد المفيدة في الدعوة إلى الله تعالى راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 21186، 7583، 19218.

وفيما يخص سفر المرأة بغير محرم راجعي في الفتوى رقم: 6219.

وفيما يخص الحجاب راجعي الفتوى رقم: 112150.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني