الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب قول الشافعي حدثني الثقة دون التصريح باسمه

السؤال

لقد قرأت في سير أعلام النبلاء: للذهبي ما يلي: حدث عنه ـ أي عن الإمام أحمد بن حنبل ـ البخاري حديثاً، وعن أبي عبد الله ـ الشافعي ـ لكن الشافعي لم يسمه، بل قال حدثني الثقة، وسؤالي هو: لماذا لم يسم الإمام الشافعي الإمام أحمد عندما حدث عنه وسماه الثقة؟ ولماذا لم يصرح الشافعي ـ رحمه الله ـ باسم الإمام أحمد في مروياته عنه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعبارة: حدثني الثقة، أو غيرها من العبارات التي يقصد بها إبهام الراوي، ترد في كلام المحدثين كثيراً، ولهذا أسباب متعددة:

منها: أن يكون الذي أبهمه قد نسى اسمه أو شك في تعيينه، أو أنه غير مرضي عنده - أي لسبب لا يضر بالرواية - أو عند غيره من المحدثين، أو أنه أراد تدليسه لسبب من أسباب التدليس الأخرى سوى ما ذكر.

لسان المحدثين: لمحمد خلف سلامة.

وأما بخصوص الإمام الشافعي: فقد كان يكثر إبهام شيوخه في كتبه: فلقد تنوعت عباراته عمن أبهمه من شيوخه في مسنده أنواعاً كثيرة وهي: أخبرنا بعض أصحابنا، أخبرنا بعض أهل العلم، أخبرنا الثقة، أخبرنا الثقة من أصحابنا، أخبرنا الثقة من أهل العلم، أخبرنا رجل، أخبرنا عدد من ثقات كلهم، أخبرنا غير واحد، أخبرنا غير واحد من أهل العلم، أخبرنا غير واحد من ثقات أهل العلم، أخبرنا من أثق به من أهل المدينة، أخبرنا من أثق به من المشرقيين، أخبرنا من سمع فلانا، أخبرني من لا أتهم.

لسان المحدثين.

والظاهر أن ذلك من احتياط الشافعي في رواية الحديث، قال الحافظ البيهقي في توجيه ذلك: وكان الشافعي ـ رحمه الله ـ يقول: لا تحدث عن حي، فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان، فيحتمل أنه كان يحتاط لنفسه فلا يسمي من يحدث عنه وهو حي لهذا المعنى أو غيره، والذي لا بد من معرفته أن تعلم أنه لم يحدث عن ثقة عنده لم يوجد ذلك الحديث عند ثقة معروف باسمه وحاله، فالحجة قائمة برواية المعروف الثقة، ولذلك كان لا يطالب بتسمية الثقة عنده ويكتفى بشهرته فيما بين أهل العلم بالحديث، وكانوا في القديم يأخذون الحديث أكثره حفظاً ثم يعلقونه، وحين صنف الشافعي الكتب الجديدة بمصر لم يكن معه أكثر كتبه، وكذلك حين صنف الكتب القديمة بالعراق لم يكن معه أكثر كتبه، فربما كان يشك فيمن حدثه ولا يشك في ثقته فيقول أخبرنا الثقة.

انتهى من مناقب الشافعي.

وانظر للفائدة الفتويين رقم: 55651، ورقم: 104371.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني