الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحب بين الرجل والمرأة الأجنبية في منظار الشرع

السؤال

أعمل طبيبا في أحد المستشفيات بالسعودية وتقاربت مع طبيبة إلى أن أحببتها وأعتقد أنها كذلك، فهل الشعور بالحب حرام؟ مع أن عندي نية للزواج منها، ولكن أصبح في حكم الاستحالة، مع أنني غير متزوج والطبيب الأول ـ رغم صغر سني 28 وكم الشهادات والمعادلات التي أنجزتها ـ وأعتقد أنني متدين ـ إن كنت أستطيع الحكم على نفسي ـ ولكن السبب هو أنها سعودية وأنا مصري، فماذا أعمل؟ وكيف ألتقي بها ونحن في مجال عمل واحد؟ وهل أطلب القرب منها أم لا؟.
ـ عفوا ـ فسؤالي حالة فردية لا يهم نشره، ولكن ـ والله ـ لا يوجد أحد يسطيع الإجابة عليه أبدا، فاهتديت إليكم والله لا أذاكر ولا أركز، مع العلم أنني طبيب جراحة أورام ومنتدب من إحدى معاهد القاهرة لفترة.
ـ وأيضا ـ هل الاختلاط حرام؟.
أرجوكم أفيدونا فأنا ـ فعلا ـ أتعذب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحكم الحب بين الرجل والمرأة الأجنبية يختلف باختلاف الأحوال:

فإن كان هذا الحب قد دخل إلى قلب الرجل أو المرأة دون تسبب ولا تعد لحرمات الله ولا وقوع في حرام ـ من نظرة أو خلوة ونحو ذلك ـ فهذا لا حرج فيه إن اتقى صاحبه ربه وراقبه، والتزم حدوده، واجتهد في دفع هذا عن قلبه بكل سبيل، والأفضل في هذه الحالات أن يتزوج الرجل بمن أحب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.

أما إن كان الشخص هو من أدخل هذا الحب على نفسه بالنظر الحرام أو اللقاءات والمراسلات الممنوعة وما شابه ذلك من تساهل في العلاقات المحرمة، فهو آثم في حبه هذا غير معذور فيه ـ ولو كان بنية الزواج ـ وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 4220.

أما الاختلاط: فإنه لفظ مجمل يحتاج إلى تفصيل، فإن كان المقصود به مجرد اجتماع الرجال مع النساء في مكان واحد مع التزام الآداب الشرعية من الحجاب وغض البصر وعدم الخضوع بالقول وتميز كل جنس عن الآخر في مكان خاص به، فهذا لا حرج فيه.

أما الاختلاط الذي يختل فيه شرط واحد من هذه الشروط ـ كأن تتبرج النساء ويظهرن زينتهن، أو يجتمع الرجال مع النساء يمازح بعضهم بعضا ويخلو بعضهم ببعض مع اللين في القول والخضوع في الحديث ـ فهذا لا خلاف في منعه وتحريمه، وقد بينا حكم الاختلاط, وعواقبه ومتى يجوز, وشروط الجواز وضوابطه, وغير ذلك مما يتعلق به وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 3539، 35079، 48092، 4030، 9855، 8975.

وراجع خطر العشق في الفتوى رقم: 9360.

أما عن زواجك بهذه المرأة، فلم ندر ما وجه العقبات التي تحول بينك وبين ذلك، فإن كان هذا بسبب رفض أهلك مثلا فهذا سبيله أن تحاول إقناعهم بذلك وتعلمهم أن المسلمين أمة واحدة دينهم واحد وقبلتهم واحدة واختلاف الجنسيات والأعراق كل ذلك لا عبرة به، روى الإمام أحمد وأبو داود ـ رحمهما الله ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء: مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن.

أما إن كان هذا بسبب القوانين واللوائح فمبلغ علمنا أنه إذا تقدم الرجل بطلب إلى الحكومة لتزويجه من امرأة من أهل البلد، فإن السلطات لا تمنع من ذلك إذا وافقت المرأة ووليها.

وفي النهاية نحذرك أن يستدرجك الشيطان للحديث مع هذه المرأة أو الانبساط إليها في المعاملة، فإن هذا باب عظيم من أبواب الفساد والفتنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني