الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أئمة الجرح والتعديل حسب ترتيبهم الزمني

السؤال

من هم أئمة النقد في الحديث ؟
أرجو أن تبينوا لي حسب الترتيب الزمني؟
وشكرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيمكن القول إن بداية نقد رواة الحديث والتثبت في الرواية ظهرت بوادرها في العهد الراشدي، وإن كانوا لا يحتاجون في ذلك الوقت -عصر الصحابة- إلى الجرح والتعديل لأن الصحابة كلهم عدول، وإنما كانت الحاجة إلى التحرز من الوهم والخطإ. حتى لا يقعوا في شبهة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث لا يشعرون، فقد اشتهر عنهم رضوان الله عليهم مرفوعا: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. كما في صحيح مسلم.

وكان أول من احتاط في الراية وقبول الأخبار.. أبو بكر رضي الله عنه فروى مالك في الموطإ وغيره بسنده أن الجدة جاءت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها فقال لها أبو بكر: مالك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها..

وكذلك الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه كان يتثبت من خبر الواحد، وقصته مع أبي موسى في الانصراف بعد الاستئذان ثلاثة معروفة، وربما استحلف من يحدثه بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت عائشة رضي الله عنها في حديث سمعته عن بعض الصحابة: إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطئ. وقال عمر لبعض من حدثه: إني لم أتهمك ولكن أحببت أن أتثبت. وأمثلة ذلك كثيرة عن الصحابة.

فلما جاء عصر التابعين وحدثت الفتن وظهرت الفرق كان ذلك مبدأ ظهور وضع الحديث من أهل البدع والأهواء فانتدب علماء التابعين للمحافظة على الحديث، واجتهدوا في ذلك متبعين أقصى وأحكم ما يمكن من وسائل البحث والفحص الصحيحة، فقد أخرج مسلم في مقدمة صحيحه عن محمد بن سيرين أنه قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، فينظر إلى حديث أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.

وكانوا يقولون: إنما هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذونها، وإن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم.

فكان من النقاد بعد الصحابة سعيد بن المسيب المتوفى سنة 93 ، وعامر الشعبي 104 ، وابن سيرين 110 وغيرهم واستمر التتثبت من الحديث ونقد رواته من علماء الأمة بعد ذلك من صغار التابعين كمحمد بن شهاب الزهري.. ومن تابعي التابعين كالإمام مالك، ومن جاء بعد ذلك كعبد الله بن المبارك.. ثم يحيى بن سعيد وتلامذته، ثم الإمام أحمد وطبقته وتلامذتهم من بعدهم كالبخاري ومسلم.. ثم تلامذتهم كالترمذي والنسائي.

وجاء في مقدمة تحقيق تدريب الراوي: ولما كانت أوائل المائة الثانية في عصر أواسط التابعين وجد من الرواة من يروي المرسل والمنقطع ومن كثر خطؤه، وازداد ذلك في عصر صغار التابعين بعد الخمسين والمائة، وفيها كان كبار أتباع التابعين وظهرت الفرق.. وزاحمت الثقافات الأعجمية المعارف الشرعية وظهر من يتعمد الكذب ترويجا لمذهبه وانتصارا لبدعته.. اضطر العلماء الجهابذة من علماء الجرح والتعديل إلى اتساع النظر والاجتهاد في التفتيش عن الرواة ونقد الأسانيد فتكلم شعبة ومالك ومعمر وهشام الدستوائي، ثم ابن المبارك وهشيم وابن عيينة، ثم يحي بن سعيد وتلامذته كعلي بن المديني ويحي بن معين.. ومن علماء المائة الثالثة أحمد ابن حنبل وطبقته وتلامذتهم من بعدهم كالبخاري ومسلم وأبي زرعة وابن أبي حاتم، ثم تلامذتهم كالترمذي والنسائي.. إلى آخر عصر الرواية. آخر المائة الثالثة.

فهذا تلخيص لأهم أئمة الجرح والتعديل حسب ترتيبهم الزمني من بعد الصحابة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني